الجمعة، 9 فبراير 2018

مسرح في الشارع

كان ذلك في الظهيرة. قلت سأخرج لأتناول قهوتي في المقهى حيث الصيني آلان. بعد أمتار قليلة من مسكني سمعت جلبة ما. فتقدمت أكثر حيث حديقة صغيرة للأطفال في الحي. وجدت منصة مسرحية على الشارع بها حركة قليلة وخلفها جمهرة من الناس فخضت بينهم ووجدت أكواما من القش غرست عليها أعلاما فرنسية وحظائر صغيرة مستطيلة بداخلها بعض حيوانات اليفة. رأيت خرفان ونعاج وحمار وحصان وبعض بطات وخنزير اسود. لمست الحمار ودلكت له ظهره وشاهدته يستمتع ويسترخي. كانت نظرته حزينة بعض الشيء اما الحصان فقد كان ضخم الحجم بسيقان سميكة يتهدل منها شعره. كان حصان للجر يزخر بالعافية. حاولت إطعام بط كان يبدو عليه الاحتداد والغضب لكن مشرفة عجوز زجرتني بلطف. 
خرجت حيث المنصة.
اكتب الان ونفسي تجهش من فرط التأثير. لست أدرى لماذا تمالكني الإحساس بالبكاء. كان عرضا مسرحياً حياً تقدمه فرقة صغيرة في كلية للفن بضع شابات وشباب. كان عرضا عن الحرب العالمية الأولى. يجلس أحدهم على هيئة عجوز من المناضلين القدامى ويستذكر أمام حفيدته الرقيقة تلكم الحرب الملعونة ويجيب على اسئلتها وهناك فرقة تجسد الحديث من خلال مشاهد الحرب والمواجهة تارة أو الحزن والفقدان أو حالات الفرح القليلة مع تصوير موسيقي أخاذ من أغاني زمن الحرب والهدنة في عيد رأس السنة حيث يلتقي الجنود من الطرفين للاحتفال وقدح الأنخاب ثم العودة إلى الاقتتال في اليوم التالي.
وزعوا على الأطفال رسالة هي نسخة من رسالة الجد بعث بها من جبهة القتال إلى زوجته يحكي لها عبثية تلك الحرب وبشاعة النازية. دخلوا القرى هتك الحرث والنسل. بقروا البطون ونهبوا الطعام واراقوا النبيذ.
كان المشهد في ربع ساعة شديد البساطة وديناميكي لكنه مؤثرا جداً.
المسرح هو أعاد خلق الحياة بوعي جديد. والمجتمع يستفيد منه كثيرا في تقديم رسالة وغرس وعي عن تلك الحرب وذكراها.

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...