الجمعة، 13 أبريل 2012

اشكالية التحول في اليمن... أزمة الثورة بين السياسي والإداري.

اشكالية التحول في اليمن... أزمة الثورة بين السياسي والإداري.
10 ابريل 2012


وقائع اللحظة الراهنة تفرض علينا اعادة النظر في المسار الذي تتخذه الأحداث باعتبارها نتيجة لتحولات تقود الى تحولات.بالتالي علينا التساؤل في طبيعة موجهات التحولات السابقة لنستقرئ مسار التحولات الراهنة ودافعيتها.فإذا سلمنا بالقول إننا بصدد تحولات نتيجة فعل ثوري. كانت نتيجة لوعي القوى الاجتماعية والسياسية الثائرة بان الوطن يذهب الى المجهول وان التقدم لا يسجل خطوات حقيقية وبالتالي قررت الشروع في فعل ثوري وفقا لرؤية عامة تتشكل - هي في الحقيقة تشخيص للمشكلة وتصور للحل-.


والحقيقة ان الحكومة السابقة كانت تؤمن بوجود مشكلة وإلا ما كانت لتطرق ابواب المانحين. وهي من منطلق مسؤوليتها وتكوينها التكنوقراط وطابعها التنظيمي اوجدت تشخيصا للمشاكل وقدمت تصورا هما خلاصات سياساتها العامة واستراتيجياتها.


فقد وقف دولة الرئيس مجور في العام 2009 امام البرلمان ليوضح التحديات والمشاكل ويضع ممثلي الشعب امام الأمر الواقع.


بالمقابل كانت القوى السياسية المعارضة تمتلك تشخيصا معينا وتضع تصورا معينا للحل لا يتطابق بالضرورة مع رؤية الحكومة حينها.


من الواضح ان الحكومة السابقة كانت تنظر الى الامور من تشخيص يرتكز على المجال الاقتصادي وموارد الدولة والتزاماتها، مع اقراراها بالإشكال في المستوى الاداري.


بينما كانت القوى السياسية المعارضة ترى ان المشكلة في اليمن هي سياسية بامتياز وكل المشاكل المترتبة هي المتغير التابع. ففي العام 2009 قدمت احزاب المعارضة (اللقاء المشترك) رؤيتها للاوضاع واوضحت فيه ان أس الاشكال في اليمن هو الرئيس صالح، باعتبار ان المشكلة الرئيسة في اليمن هي سياسية بامتياز لان السياسة اضعفت الادارة والت الامور الى توريث الوظيفة العامة وتحويل النظام الجمهوري الى نظام متوارث.


لم تكن الحكومة السابقة مجانبة للصواب عند تشخيصها للمشاكل وقد يرجع الأمر الى الوضوح الكبير في المشاكل. ربما كان هناك قصور في التشخيص وربما كان القصور اهم في طريقة تصور الحل على ان المشكلة الكبرى كانت في طريقة تطبيق الحل والتي غالبا ما كانت مشوهة او لا تكمل طريقها.


وبعد عام من الاحداث التي قادها الشارع اليمني واشعل شرارتها الاولى شباب يمني جامعي ومن بوابة الجامعة نجد ان طريقتي التفكير لم تتغيرا كثيرا لان قوة الدفع التي تسيّر حكومة الوفاق هي التناقض بين الرؤيتين لمكوني الحكومة. ناهيك عن الافتقار لانموذج ارشادي يقود الجماهير الثورية ويوجهها لتدفع بالتغيير في اتجاه مسار معين. والامر طبيعي لان الحركة الجماهيرية ولدت في ظل ضعف مؤسسي عام يشمل جهاز الدولة ويصيب الاحزاب والمكونات الحقوقية والنقابية والاجتماعية حتى بدا المشهد الثوري ارتجاليا صرف وتطلب الحل تدخل من الخارج.






والأرجح بالنسبة لنا هو خليط من هاتين الرؤيتين مع التركيز على اهمية البعد الاداري وإشكالية التخلف المؤسسي وحالة الاغتراب بين المؤسسة والمجتمع. لأن الترابط بين السياسي والاداري بالغ الاهمية على اعتبار ان السياسي هو الذي يصوغ السياسات العامة والإداري هو الجهة المنفذة لها. فامتلاك رؤية سياسية سليمة والافتقار لأدوات ووسائل التنفيذ يعني اجهاض هذه الرؤية. بالمقابل وجود ادارة عامة جيدة والافتقار لسياسات رشيدة يعني شتات وتخبط. ولا اتصور ان الحالة الأخيرة ممكنة. مع ان السياسيين في اوروبا ليسوا بالضرورة جيدين. لكن رداءتهم تؤثر كثيرا في الاداء العام للحكومات.


ونتيجة لهذا الوضع في تقديرنا هو فقدان بوصلة التغيير بسبب الافتقار لروية ثورية توافق بين الاداري والسياسي . فلو ان هناك تصور ثوري يسعى الى الاصلاح والتغيير من خلال معالجة الاشكالية القائمة في الادارة العامة لنهضت ثورة المؤسسات وقطعت شوطا كبيرا في عملية التغيير والاصلاح، ولم يتعرقل التحول بسبب المعوقات السياسية وفقه توازن القوى. لأن الهم المؤسسي سيغلب مسألة التوافقات باعتبار ان المقصود هو المؤسسة وآليتها وليس الاشخاص.






وبما ان السياسي والاداري والاقتصادي هم اوجه مشتركة لعملية التغيير إلا ان اكثر العناصر ضعفا في معادلة التفاعل هو المتغير الثقافي . بمعنى دور الطرف غير المؤسسي في تحديد مسار التحول.


وعليه نسأل: اذا كانت الثورة نتيجة لرغبة في التغيير وضرورة لإصلاح الوضع، فهل وصلت الثورة الى كل بيت؟ بمعنى آخر، هل تتوافر الرغبة في التحول والإصلاح لدى الجميع؟


الاعمال التخريبية وإعاقة مسار الانتقال السلمي لا يدلان على اننا كنا نختلف حول كيفية معالجة الامور بينما كنا نتفق على التشخيص. بمعنى ان الهوة الكبيرة بين رؤيتي الاطراف الفاعلة سابقا كانت كبيرة وهي تنعكس اليوم على الواقع.


كما ان عام من الفعل الثوري لم يخلق بعد تغيرات ثقافية لدى الناس وغرس بما فيه كفاية قيما وتبدلات سلوكية ايجابية في الحياة العامة.


وهنا نذكِّر باهمية التشديد على التحول الثقافي حتى تستدام الثورة وتتوافر لها شروط التحول. وحتى لا تنسى اهداف الثورة.

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...