الخميس، 17 أكتوبر 2019

حسام الأحلام


ووردت ما استطعت من نهل الأغاني والموسيقا ولم ارتو. وكأني بي من الوجد فراسخ في عراص حصباء يتعكر فيها السير حين المنحدر خشية الكبو، أو صعود لاهث والشمس حميم فتلتهب العين من ملح الذكرى وغشاوة البصر الهائف مستعجل الوصول.

لكم انتظرتُ أن تغني لي وكانت الذكرى دهقان حرب ضروس والانتظار تسعيرا وزحفا وما بلغت من المبتغى الغالي غير يبوس الطلب الملّح.
ما عاد يخطف الابصار بروق في العشية ولا سحب الآصال تبث فجيعة الرحيل.
سيان أن نمضي إلى النوم حفاة ونهرول على جمر الأماني أو بدرع واق من ضربات حسام الأحلام.

....

الى متى ستظل تقاوم رغبة في الوصل او ان تمر على حديقة في الربيع تغريك وردة بيضاء فلا تلامسها خشية ان يراك رقيب؟

الى متى تغض الطرف والنفس رانية؟

15 مايو 2015

عادوا الى حقيقتهم


 توقفت طائرات الحلف العربي عن القصف فتوقفوا عن إدانة الاقتتال الداخلي. 
لقد كانوا مع الاقتتال في ذواتهم. كل يوم يمر نكتشف حقيقتهم، حتى البعض من الأهل. 
فالبعض لن يقول "حسبنا الله ونعم الوكيل" إلا إذا كان هو القتيل. أما إذا كان القتيل في الضالع أو إب أو البيضاء أو تعز فلن يكلف نفسه الادانة. 
اتحدث عن ضحايا مدنيين لا شأن لهم بالحرب. 
أصدقاؤنا في بعض المدن منهمكون في الحديث عن الوقود والمحطات. هذا الهلع هو السمة الدائمة لهم والدولة التي يتباكون عليها ليست إلا ثدي يغدق عليهم ويروي نهمهم. 
لسنا أخوة. ودمنا ليس دما واحدا. هكذا يريدون ان يقولون لنا.


16 مايو 2015

الاناقة من أجل الحرب

رغم كل ما حدث منذ أكثر من شهر فان لا شيء يثير الرعب أكثر من تصريحات صالح بفتح حرب مفتوحة في اليمن لتكون حرب الجميع ضد الكل.

تحت مسمى خلايا نائمة وجواسيس تم تدشين السحل والقتل لمجرد الشك بانتماء سياسي أو جغرافي أو مذهبي.

رباطة الجأش التي ظهر بها صالح كانت تلبُس موقف وليست موقف. كانت مكابرة الخائف وانتقامه.
كانت نيرونية كاملة إذ لا معنى لتلك الأناقة إلا تعظيم الذات وسحق الكل.

لا أمل في توحيد الجبهة الداخلية على أساس عقلاني والنظر إلى المستقبل.
ولا طرف يعول عليه أن يرعوي ليجنب الملايين فداحة الحرب والعدوان.

 10 مايو 2015

فقدان


كلما التقطت صورة جديدة لي اجدني وقد أفلتت عني نسخة مني ووزعتني هنا وهناك. 
أشعر أكثر أن الكاميرا تسرقني شيئا فشيئا. وكلما نظرت إلى صورة جديدة لي تنبهت إلى نقصان شيء مني. 
هل تسرقني الأيام عمري الذي كلما طال قصر أم يسرقني الحزن والكمد القادم هرولة من البعيد؟
تترمل نظراتنا من البهجة وينضب الشغف وينمحي التوق والعنفوان. 
ها هي اوجهنا كرتونية باهتة تتغضن يوما تلو آخر كإشهار ورقي على حائط مبنى حكومي لفحته الشمس وصفعته قطرات المطر. 
...
تتقوس الحواجب دهشة من قدرة الأيام على مراوغة احلامنا وتتسمر العيون كلحظة اختناق فرخ غر طمع بالحياة وأغْرَته حبوب الأرض فازرد حصاة ملونة أو كرية بلاستيكية. 

أمام المصوِّر، انظر نحو يديه الممسكتين بجهاز يشهد على موتي البطيء، اود لو اقول له كما قال كسينجر لمصوره: كن رحيماً! 

انظر إليه بعينين ثابتتين ونظرة بومة بلهاء تحت المطر. 

قبل عام من الأن كنت أقف على الرصيف اتلصص على عائلة فرنسية فيها فتاة يانعة تتفجر ضنكا من ابيها الممازح لها بالتقاط صور بالهاتف. قال لها باسما: لِمٓ الغضب يا جستين!؟ لن يسرق روحك أحد. 
يومها كدت افضح نفسي بالضحك عالياً. لكني اليوم وقفت أتأمل في صورتي في رصيف مماثل وأدركت ان للصغيرة كامل الحق في الضنك. الكاميرا تسرق ارواحنا. كلا. هي تذكرنا بالأمر فقط. 

ما الذي يسرق مني روحي يا تري!؟ 
هل لأني انظر إلى صورتي واعرف اني لم أعد ذلك الطفل الذي كنته أو أريده؟ أم لأني أسير نحو الهرم بسنين فارغة إلا من الهم والأنين؟ 
كلما نظرت إلى صورة جديدة لي خطرت في بالي كل مشاريعي العالقة دفعة واحدة وتخاطرت عناوين الفشل والضياع. 

الهي! لِمٓ جئتي بي الى الحياة في هذا القرن الملعون؟ 
هما قرنان ملعونان في حقيقة الأمر. 
ماذا لو كنت من مواليد القرن السابع عشر مثلاً، حيث لأكثر الابتكارات صدى وبهجة؟ 
كان الواحد منا يقعد نهارا كاملا أمام كتيب ثقيل يتفحص معانيه كما تفعل امهاتنا مع صاعين من الحبوب. ينقحها كتنفيح الحبوب تماماً. 
ثم لا يشفي غليله ويعود للكتاب مسامرة على ضوء خافت. كان للسفر معنى ومعاناة أيضا. وكان للحب هالة ملائكية وكانت الحرب أثيمة مستنكرة تثير الهلع وتستجلب الابتهالات. 
كنت سأنظر إلى نفسي في مرآة مقعرة قليلاً في أحسن الأحوال وسأعيش عقداً كاملاً على زيف تلك الصورة. ثم اندهش في عقد جديد عندما امتلك مرآة صقيلة وتتغير ملامحي. وحتى وان شخت فاني سأفرح لأني وجدت انفي اقل انبعاجا مثلا. او لأن شعر الشيب رمادي فتان. 

لا شيء يذكرني باليوم الآخر إلا الصورة السابقة. فاليوم الآخر مثير للشفقة والبخوع. أن تقف أمام مصور لغرض الحصول على صورة لمعاملة رسمية فانت تقف بين يدي أبيك إذ يوبخك وتستسلم ولا تبدي أدنى مقاومة أو تذمر. 
هي الصورة تعريك كيفما كانت ملابسك وتفضح ما تستره اسمالك الجديدة فتبدو نفسك أمام عينيك بالية وضميرك مهترئ كشباك المرمى.

8 مايو 2015

احك


لكل حادث حديثان، روايتان هما منسوب التحيّز إلى كل من الوجهين. 

فما الموضوعية ؟ 
الموضوعية هي الدرجة صفر من الأحاسيس لكنها حساسية مفرطة ويقظة في نقل الأحداث في خيط تسلسلها. 
إلا أن الحقيقية رهينة الإفصاح أما التحليل فهو ضرب بالغيب وتلمس النوايا. 
وما المعايير اذاً؟ 
المعايير هي انضباط المنقول في مجاري الناقل وصولاً إلى الضفة. 
لا ينقص أحدنا العزم في ادعاء الحق. وكلما كان خطابه متلبسا بالثوابت كان الأقرب إلى الادعاء والكذب. 
...
كم هي الانفس التي تفنى وتغادر الحياة وفي أحشائها أدثم السرديات وأشهى الحكايا. العجز عن الحديث أو الكتابة هو اعتراض كامن للزور والتزوير. فالذين انبروا لكتابة التاريخ لا يقلون صفاقة عن صانعيه. التاريخ سيرة المنتصر وسجل زائف للحق الملتبس. فالذي امتلك جرأة سحق حياة الآخرين وطمس حقوقهم لن يتوانى عن تزييف التاريخ. 
... 
ان تُشهِر فكرة ما ثم تتقاعس عن تدوينها ويسرقها غيرك ويخرجها إلى النور خير من أن تدفنها معك في تابوت من الكسل والتراجع والقنوط. 
...
اني أغبط كثيرا أولئك المتصيدين للأفكار والذين يتحينون لتلقفها من أفواه الآخرين المتأملين ثم يبسطونها في ورقهم روايات وكتب. 
...
احك ولا تتردد. اخرج صدى تأملاتك من دهاليز احلام يقظتك. 
احك لتعش ويعرف الآخرون ما في جعبتك. انقل اهاتك وغضبك. ومرر برودك هذا إلى العالم القادم. غيرك سيحكي ما هو أخف وأيسر وستكون حكايته هي الحدث الأهم والأصدق. 
دوّن ولا تتردد!


1 مايو 2015

من اجل العلمانية في بلدي

لفترة وأنا أكتب ضد شيطنة الإصلاح وضد الاخوانفوبيا فيما يشبه دفاعاً عن الإصلاح. حتى غدا البعض ينظر إلي على أني اصلاحي مستتر وبعض الإصلاحيين يسارعون في عمل إعجاب لمنشوراتي والبعض منهم قد يتصورني إصلاحيا مارقا يتقاعس عن اداء الصلوات وقد لا يتوانى عن شراب البيرة أو النبيذ وامتداح الموبقات إلا أن القلب اصلاحي.
وجميعهم لا يعرفني جيدا. 

والحقيقة أني في 2011 كتبت دفاعا مستميتا عن المؤتمر وعارضت بشدة تلك الأصوات التي تنادي خلال الثورة باللاحزبية أو بإقصاء المؤتمر واجتثاثه كما حدث للحزب الحاكم في مصر او تونس. وناديت إلى أن يكون المؤتمر في أية صيغة سياسية قادمة ركنا أساسيا. 

أنا من منطقة ينتشر فيها الاشتراكي كثيراً بين ابنائها وهم لا يدخرون جهدا في الانخراط في العمل السياسي والانتماء لمختلف التيارات. وهناك الآن من يوالون الحوثي في قريتي الصغيرة وهذه حالة صحية بالنسبة لي. 

عشت احداث 94 جيدا وكنت أعي ما بعدها. لقد خرج الاشتراكيون بانكسار كبير وغدت أكبر تهمة هي أن تكون اشتراكياً حتى يباح دمك في أسواء الأحوال أو أن تعيش منبوذا بتهمة الانفصال والرِّدة. 
دفن معظم الاشتراكيين رؤوسهم في الرمال اتقاء تلك الموجة غير المسؤولة. وخسروا الوظائف وأصابهم انكسار نفسي مروع ومنهم من خسر عقله ويقينه. 
كان الإصلاح والمتشددين دينيا اجمالا متصدري ذلك الخطاب وكان حزب صالح منفذ تلك السياسة. 
تراجعت اليمن كثيرا في مسيرتها الديمقراطية وان انتظمت لفترة ما انتخابات لكنها بنتائجها كانت تؤكد النكوص وأكبر دليل على ذلك خارطة التمثيل في البرلمان من حيث الجنسين او نسبة الأكاديميين ورواد الفكر بين أعضاء البرلمان. 

عشرة أعوام من 1994 حتى تفجرت الحروب الصغيرة في البلاد بدء من صعدة نتيجة لتلك السياسات الاقصائية والمتعجرفة. وبعدها بثلاثة أعوام فقط اشتعلت احتجاجات الجنوب على نحو لا رجعة عنه. 
كان العام 2011 موعد انفجار ذلك الدمل الخبيث في الجسد اليمني. 
تحول الدمل الى غرغرينا، الى سرطان يتفشى. 
ما يحدث اليوم هو تهتك مقصود للنسيج الاجتماعي اليمني. 
ولغة التحريض والتخوين وشيطنة الإصلاح باسم الدعشنة هي استمرار لذلك الخطاب العبثي. 
لذا فاني عندما اكتب دفاعا عن الإصلاح هو دفاع عن مستقبل ليس فيه إقصاء وهو قبل هذا دفاع عن حقوق الإصلاحيين في الحياة والحياة السياسية أيضا. وإن كان الإصلاح جلاد الأمس فهو ضحية اليوم. 
لكن شيطنة الإصلاح بتهمة داعش والقاعدة يعني القضاء على السياسية وإخصاء العمل الحزبي. اي التأسيس لديكتاتورية بغيضة وبطبيعة التهمة الدينية فان المنتظر هو كهنوت ديني.
ومهما يكن موقفي من الإصلاح فهذا لا يعني السكوت عم يتعرض له لأن الدور القادم سيكون على بقية الأحزاب وستجرف الحياة السياسية برمتها بينما انا أنشد دولة مدنية ديمقراطية او بصريح العبارة دولة علمانية. 

إن أي تراخٍ في هذه اللحظة وتواطؤ مع آلة القتل - وان كان الوقت قد أزف اذ كان يجب التنبه قبل ان يحل علينا كل هذا الخراب ويأتي علينا عدوان غاشم - بتهمة انها حرب ضد الإصلاح هو تنازل عن حق الحياة واستجابة للخراب ومشاركة في العدوان. 
واذا كان الإصلاح حزبا متطرفا داعما للجهاديين فعلى محكمة دستورية أخذ قرار كهذا وحل الحزب ومحاكمته وتوجيه الدولة لمصادرة امواله وإيقافه عند حده. 
اما إشعال الحروب في شمال وجنوب وشرق وغرب البلاد والتهام الدولة وتلبس مهامها هو عدوان مبين بحق اليمن واليمنيين. 
وليس لنا من علاج ناجع إلا في ارساء المدنية والديمقراطية وتبني نظاما علمانيا يحيّد كل التوجهات الدينية من العمل السياسي ويحفظ الانسان ويعلي من شأن الانتاج.

26 ابريل 2015

في تعز حرب مناطقية بامتياز


منذ عقود قليلة انتشر الاسلام الراديكالي في كل اصقاع الأرض وطغت العقيدة الجهادية على كل اشكال اللاهوت الاسلامي وظهرت نبتة القاعدة كالزقوم. 
أثمرت هذه العقيدة سنابل خبيثة ضد الحياة. 
وتبنت أمريكا في المقام الأول حربا ضد القاعدة واعدت لها العدة. أمريكا تحارب من أجل مصالحها وهذا أمر مفروغ منه. لكنها تحارب سرطانا حقيقيا. 
كانت اليمن - وما تزال مسرحاً - لهذه الحرب ومنذ سنوات نفذت أمريكا ضربات بطائرات من دون طيار في أماكن عدة من اليمن كان فيها ضحايا مدنيون بلا شك. وظهرت اسماء عديدة من محافظات كثيرة من اليمن ضمن مطلوبين في صفوف تنظيم القاعدة. 
إلا أن تعِز، وهي المحافظة الأكثر سكانا في اليمن بقرابة ٤ مليون نسمة كان أعداد من انخرطوا في صفوف هذا التنظيم الضال يعدون بالأصابع بينما محافظات اقل سكانا اجتاحها التنظيم. كما انه لم تسجل غارة واحدة لطائرة بدون طيار أمريكية في ريف او مدينة هذه المحافظة بينما مناطق ريفية مكتظة بالسكان ونائية كان لها نصيب من الضربات. 
لا توجد قاعدة في تعز ولا دواعش. وتسويق هذه الكذبة يندرج ضمن حرب شعواء تنال من السلم الاجتماعي في البلاد. 
تعِز تقبل بكل الافكار وكل الايديولوجيات عدا القبيحة منها كفكر تنظيم القاعدة. وهي اذ تفعل ذلك فإنها تعبر عن عبقريتها كمنطقة منفتحة متسامحة. 
هذا ليس تقريضا وامتداح لاستعلاء أجوف. هو دحض لتهمة باطلة. 
نعم هناك الإصلاح في تعز. وهو في تعز باعتباره تعبيرا سياسيا -وحزبا قانونيا معترف به وله أعضاء في البرلمان وليس جماعة متمردة خارجة عن القانون وافق البرلمان على الحرب عليها - مثله مثل الناصري والاشتراكي والمؤتمر. الإصلاح في تعز لا يمثل تعبيرا مناطقيا او قبليا عصبويا او انتماء دوغمائي. وهو ينتمي الى فضاء أوسع هو اليمن. وليس معنيا بأحقاد الجغرافيا. 
في ٢٠١١ كنت أخشي من ان يتحول السلوك السلمي لثورة تعز الى تعبير فاشوي واستعلائي لأنها بتضحياتها كانت تنال نصيبها من الوطنية ككل مناطق اليمن.
لكن الحرب التي تشنها اليوم قوى الظلم والظلام والفاشية هي حرب مناطقية بامتياز لأنها تقصد أبناء تعز بكل اطيافهم السياسية. ولا تفرق بين ناصري اشتراكي او اصلاحي. 
انها حرب عنصرية بامتياز تتعذر بداعش والقاعدة في غير مكانهما وقبل هذا اذا كان هناك من حرب ضد القاعدة فان أبناء تعز سيكونون في اول صفوف هذه الحرب. 
هذه القوى الغاشمة لن ترضى عن تعز حتى لو أعلن ابناءها انتماءهم الى الخمير الحمر وليس للإصلاح. 
ارفعوا هذه التهمة عن تعز وارفعوا نيرانكم الحاقدة وعودوا ادراجكم. 
اهلنا في تعز يموتون بالقذائف او الحصار. 
لا يوجد داعشي اكبر من ذلك الذي أخذ حصة المحافظة من الوقود من اجل مجهود حربي يقتل فيه ابرياء في عدن والضالع. واستولى على حصة المحافظة من الغذاء واعترض شاحنات الحبوب. 
هذه حرب إبادة جماعية فيها تصفية للأرواح على أساس مناطقي ولا تختلف عن جرايم البحيرات الكبرى ذات البعد الاثني.


26 ابريل 2015

ليبرالي؟


المؤتمر صار حزبا ليبراليا؟
هذا الحزب الليبرالي هو نفسه الذي وقف ضد قانون منع حمل السلاح منذ ١٩٩٣ وهو نفسه رغم الأغلبية المطلقة امتنع عن التصويت على قانون منع زواج الصغيرات.
هذا الحزب نفسه هو الذي صوت لقانون الخصخصة بعد أربعة أعوام من بيع المؤسسات العامة.
هذا الحزب اكبر كارثة اجتماعية في اليمن لأنه حزب أعلى من شان القبيلة على حساب المجتمع والدولة. هذا الحزب الأكثر نزوعا بفصل الناس بين شيخ وقبيلي.
هذا الحزب الذي كان يضم بين صفوفه اكبر أعضاء اميين في مجلس النواب.
اين الليبرالية؟!


26 ابريل 2015

ما لم يقله ميللر -٤ (الربيع)



أود لو استطيع أن أكتب عن هذا الربيع إلى الأبد. تأسرني يقظة الهندباء ووريقات القيقب الخمري المولودة وبهجة الأقحوان.

الشمس صنّاعة للفتنة العمياء وللشجيرات شبق الحياة. ولنساء الأرض اصرار التناسل والاتصال الآثم اللذيذ.




ثمة شجرة باسقة تبكر في الإزهار وتتساقط بتلاتها الوردية الشفيفة تحتها وتتكوم على الرصيف بطمأنينة هرة وقت الظهيرة.




يغازلك شعاع الشمس الذهبي في الصباح وهو يتسلل بين أوراق الكستناء اليانعة. اما الصفصاف فتلتمع أغصانها الذهبية المورقة وتتحرك كأرداف راقصة شرقية مكتنزة.



يا لفجور الطبيعة واتقادها!

تحسب ان كل شيء قد زال واندثر واذا بالحياة تبعث من جديد.






23 ابريل 2015

ما لم يقله ميلر 3

تمرر أناملك بين أزرار لوحة المفاتيح تستنجدها، تبحث بينها عن كلمة تصل الأخرى لتسطر فِقرة. ليست الازرار بخيلة لكنك الفقير إلى أي حديث. هذا الغياب المبجّل للكلام الشبيه بانتهاء بطارية شحن الهاتف. أن تجحظ أمام شاشة حاسوبك أو هاتفك فهذا هو انذار نفاد بطارية أفكارك. 
ربما تلزمك العودة إلى ذاكرتك. ذاكرتك الطرية على الأقل. انظر إلى ما في جعبتك من حصاد لهذا النهار. لا شيء. الذاكرة فارغة ايضاً. ثمة رد مقرف: " لقد تمت فرمتة الذاكرة." 

عليك أن تقهقه كقرد الغابة الجذل. كيف يمضي نهارك وتنقلاتك دون ان تحتفظ بشي يصلح للكتابة؟ 
انها غفلة المؤمن. 
ولكن هل الكتابة ضرورية؟ 
ممممم 
زم شفتيك جيدا ومطهما وهمهم. 
يجري تمرين الكتابة على طريقة جمع الكمأ في الغابة اللدنة، حيث لون الارض كلون الكمأ. 
تخيل! تستدعيك الحاجة إلى الذهاب إلى الغابة بغية جمع الكمأ قبل الغروب بقليل. 
عليك أن تضحك. لا تتوقف عن الضحك. هذا المشوار هام جدا في حياتك. ستعود بقليل من الكمأ إن كنت شاطراً أو محظوظاً. ليس مهما الفارق بين الشطارة والحظ. وينطبق الأمر تماماً على أشياء كثيرة، أكثر أهمية كاقترانك بحبيبة. هل الأمر شطارة أم حظ؟ لا باس سنعود إلى الكمأة هذا أيسر خوضاً من الحبيبة. أن تعود خالي الوفاض فهذا درس بالغ. إذ ليس بالضرورة أن تكون رابحاً وتجد ما تبحث عنه. ثم إنك ذهبت إلى الغابة. أنت لم تخض غمار البحر الهائج. أنت كنت في نزهة. هكذا تعامل مع الهزيمة. هزيمة؟ 
نعم هزيمة. أن تعود فارغاً من كل شيء. فارغ من الأمل ايضا. لكن النزهة في الغابة وإن كانت عرضية هي أيضا أمر يستحق الاشادة والاحتفاء. الغابة وقت الغروب تعزز المخاوف وتشعرك بأنك طفل ضل الطريق ولم يعد يسمع لنداء أمه الباحثة عنه. في الغابة وقت الغروب تأتيك استيهامات غريبة. كأن تشعر بان الحشرات تدب على ساعدك أو البعوض يلدغك في الساق. أحيانا تتوهم أن الحذاء تمزق من الجانب أو أنه مفتوح بالمرة. في الغابة يتكوّم الخيال المرضي كثيراً.


في الغابة تذكّر أول النهار، تذكّر أكواز الزيزفون في أول الربيع. تذكر شجرة الجهنمية وهي تبتذل عرض مفاتنها الملونة.

22 ابريل 2015

فيينا الارجوحة


فيينا المدينة في شقيها أرجوحة تتنقل بين معمارين أحدهما حديث فظ أرعن هو الشق الحديث المحاذي للدانوب وأكثر ما جعله بشعاً هو منظر السكة الحديدية المارة أسفل مبنى الامم المتحدة والآخر هو المدينة القديمة الذي يختلط معمارها بنمط عصر النهضة والقوطي حيث القصور الموشاة بنوافذ ونقوش وبروز تخفف من حدة الوجهات وقدرتها على الادعاء والصرامة. 

تبدو الحياة قسرية الانضباط ويعكس الفن المعماري تأنقا وفنقا ومثابرة. 
حول الأوبرا لا يمكنك إلا أن تتساءل: كيف لمدينة كهذه أن تحتوى على كل هذا الجمال ؟ 
تندهش أكثر حينما تتنقل بين الساحات حيث نصب تذكارية تقف أو تجلس بجمود وأبهة لعباقرة في الفن والفلسفة. 
تخيل ان تجلس عند أقدام غوته. يا لها من سكينة! 
أن تزور هذه المدينة يوماً أو يومين أو أكثر قليلاً فهذا استخفاف تام بالقدر من لَّدُنك. كأن عليك ان تبتهل عندما تطأ قدمك المطار داخلاً: اللهم ثبت اقدامنا! 
في الربيع والصيف تتحول المدينة إلى مسرح مفتوح، إلى منصة اوبرالية فاتنة. 
ستصل قريب الفجر وتأخذك سيارة من المطار إلى مسكنك. لن تتأخر في الوصول فالمسافة ليست بعيدة. تنتظر شروق الشمس وتتطفل على الشارع من النافذة من بين طبقات من الستائر. ثم تهرع مسرع إلى منتصف الشارع. أين أنت تحديداً؟ زماناً ومكاناً؟ 
تقف قزما بين أحجار نرد مزينة عملاقة لامعة تتراص بحذاقة شديدة. أنت في المرحلة الفاصلة بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. 
للتبغ والقهوة والشوكولا مذاق اخر ولأجراس الكنائس قرع عميق. يا نداء السماء وزركشة فساتين الأميرات وقبعاتهن! رفقاً! 
قبل هذا، ومرة اخرى، ليست المدينة إلا الصحب.
 21 ابريل 2015


شيطنة الاطراف. نربح الحرب ونخسر الوطن

جعلنا من طرف يمني ما الشيطان عينه وتواطأنا حينما تركناه فريسة سهلة لقوة غير الدولة. 
عندما اقول نحن فأنا أقصد الجميع، من أعلى هرم في السلطة حتى أبسط شخص.  كنا نتشفى - تحت تأثير أحقادنا الواهمة كثيراً وبدافع موجة إقليمية- بتخلص الحوثي من الإصلاح. كنا نردد وبلا أدنى ضمير أو عقل أن للإصلاح جناح قبلي وعسكري وهذا خطر كبير وكأن الآخرين كانوا رهبانا في التيبت أو جماعة الخضر في أوروبا.  هذه بيئتنا السياسية منذ أن نشأت الدولة القومية الشائهة. حتى الحزب الاشتراكي المشلول كان له جناح عسكري هي دولة الجنوب.  وبدل ان نأخذ بيد الجميع إلى مضمار السياسة حيث جدل الأفكار تركنا الإصلاح والحوثي في حلبة صراع دموي وكأنهم ليسوا يمنيين. وفي استجابة لئيمة إقليمية للتخلص من الاخوان خذلنا يمنيتنا.  حتى أن كبار مثقفينا أخذوا يمتدحون تلك التصفيات وقال أحدهم إنه إن لم يكن للحوثي من حسنة ما فإن أكبر فضائله هي التخلص من الإصلاح وحلفائه في مناطق شمال الشمال.  كنا نُنظّر للخيانة الداخلية ولم نكن نرى أبعد من أنوف أحقادنا وتجاهلنا ثمن حفلة الجنون تلك.  نسينا أننا خطونا ما تبقى من ٢٠١١ و٢٠١٢ و٢٠١٣ بفضل توازن القوى أو توازن الضعف وأن أي اختلال في تلك المعادلة لا يقود إلى تأسيس دولة مواطنة هو انتكاسة وطنية كبرى.  قلنا : المعارك في إب هي ايضا مع الإصلاح وتارة مع القاعدة والدواعش والتكفيريين. المعارك في تعز هي ايضا مع الإصلاح. المعارك في عدن هي أيضا مع الإصلاح والتكفيريين.  لا يمكن نكران البنية الخاصة للإصلاح وهو لا يختلف مع المؤتمر مثلا. لكنه كان حزبا سياسيا وبدأ جناحه السياسي يتقوى أكثر فأكثر. كان الزنداني يتوارى أكثر فأكثر ويركن في قسم التالف.  رقصنا على وقع الحروب التي نالت من الجيش. وقبلها طبعاً كان الإصلاح يشيطِّن طرفاً في الجيش وقد ذاق من نفس الكأس.  المهم تشظى الإصلاح وأكثر طرف تشظى فيه هو التكتل السياسي.  اليوم يتحدث البعض عن خيانة وعملاء.  ما يحدث هو أن كل حلقة تكمل الأخرى. وها هو الزنداني يعود للواجهة ويحيا من جديد. صحيفة الشرق الأوسط تنشر حديثا لعضو في الإصلاح قريب من الزنداني يتهم القيادة السياسية للإصلاح بالتخاذل في مواجهة الحوثي ومنع ٤٠ ألف مقاتل من مواجهة الحوثي ويهددها بالعزل والمحاكمة.  ليست السعودية ترضى عن الإصلاح بوجهه السياسي.  وعموما خسرنا السياسة وربحنا الحرب والدمار. وهناك من لم يفهم الدرس وما يزال يكرر الحرب هي مع الإصلاح والتكفيريين.


21 ابريل 2015

كيف هي صنعاء الليلة؟

ترى كيف هي صنعاء الليلة؟ 
انها فاجعة الفجائع. 
لي أهل واصدقاء وأحبة هناك ولست أجرؤ على الاتصال بأحد منهم . فماذا اقول لو اتصلت؟  "الو ! هل متم أم ليس بعد؟" عاشت عدن نفس المشهد قبل أسابيع قليلة وكانت الحصيلة المباشرة لانفجارات مخازن السلاح أكبر مما حدث في صنعاء.  لكني -ومثلي فعل معظم اليمنيين - وبكل جبن ولا اكتراث غضضت الطرف عن عدن وفاجعتها ربما لأن الفاعل كان محليا.  الأخوة الأعداء في اليمن!  هذه الحرب ليس كرمي الجمرات في الحج.  هذه حياة بلد وشعب برمته. كما أن الألم اليمني لا يتجزأ ولا يتغير لونه كما هي الدول والمناطق في الخرائط السياسية فالقتيل في صعدة كالقتيل في مأرب وتعز وعدن. والطفل المذعور صنعاء كالطفل المذعور في الضالع. فهل يُفهم الدرس؟


20 ابريل 2015

تحذير

تلج اليمن في وضع انساني كارثي غير مسبوق. ولا يلوح في الأفق أي حل سياسي. تشتد ضراوة الاقتتال الداخلي في كل بقعة وكل محافظة ويتكاثف القصف ويزداد قوة تدميرية. مخزون البلاد من السلع الأساسية محدود ولا يمد أكثر من ثلاثة شهور. اليمن لا يغطي من انتاجه من الحبوب سوى أقل من 10% من الاحتياج ويعتمد 100% على الخارج في تلبية احتياجه من الأرز. لا توجد انهار والزارعة تعتمد على الأمطار واجمالي الارض الصالحة للزارعة تمثل 3% من اجمالي الاراضي.
البلد يعيش على تحويلات المغتربين وعلى المساعدات والثروات الوطنية محدودة الاستثمار والعائد وهي في هذه اللحظة موقفة تماما.
كل التقارير الدولية تعتمد الرقم 24 مليون نسمة في تحديدها لسكان اليمن بينما هذا الرقم مضى عليه قرابة عشر سنوات ومقدار الزيادة السكانية أكثر من 500 ألف نسمة في العام الواحد. أي أننا أمام خمسة مليون نسمة لا يؤخذون بالحسبان، بالتالي احتياجاتهم أيضا هي الأخرى لا تؤخذ بالحسبان.
يوشك الوضع في اليمن ان يتحول الى فتيل اشتعال لحرب اقليمية أوسع وأكثر دماراً اليمن هي الساحة الأمثل لكل هذه الحروب.
بعد أسابيع قليلة من الآن لن يكون الشعب اليمني العظيم عظيماً ولا الصبور صبوراً. سيكون مشرداً هائما محكوم عليه الموت غرقاً في البحر لمن أراد الهرب حيث الجغرافيا تحاصره أيضا أو موت جوعاً بسبب المقامرات والمكابرة.
أي حل لا ينظر إلى جذور المشكلة هو حل كاذب وغير مسؤول. فضلا عن ذلك فان الشرخ الاجتماعي وتمزيق النسيج الاجتماعي بلغ أشده.


20 ابريل 2015

"عطان" لا يعني لأمي الكثير


بعد خمسة ايام تمكنت من الحديث إلى أمي عبر الهاتف في قريتها البعيدة. 
صوت أمي وجل وهي تخبرني عن نمط حياتها الجديد. عادت في هذا العمر إلى جلب الماء من البئر. تتحدث أمي بقلق شديد لأن مخزونها من الحبوب يوشك على النفاد قريباً بينما لا تتوفر كميات جديدة من القمح في السوق. غياب الكهرباء لا يفرق عندها كثيراً فهي في بيت بلا ثلاجة ولا رافعة مياه ولا غسالة ملابس ولا عصارة. بيت بتلفاز ينقل لها اخبار العالم المفزعة لا أكثر.  يزداد قلقها لأنها لم ترَ أبنها الغائب في صنعاء منذ أعوام ومنذ أكثر من أسبوع لم يتصل ولا تعلم إن كان ما يزال على قيد الحياة أم لا.  أمي ليست خبيرة جيوسياسية لتكره التحالف أو تناهض إيران وليست عضوة في مكتب سياسي لحزب ما.  لكنها تعرف جيداً أن الحوثيين اقتحموا المدن وأثاروا الهلع والموت. وهي لم تكن تبغض الرئيس صالح لأنه من سنحان وأظنها صوتت له مراراً. أمي ليست مناطقية وهي لا تعرف على أي مذهب هي.
أظن أن أمي لا تأسف على الأسلحة التي تقصف في جبل عَطَّان أو معسكر الصُباحة. لكنها تعلم جيداً أن السلاح يجلب الدمار والتشرد وما تزال تتذكر جيداً عندما نزح إلى قريتنا أبناء الأقروض قبل أعوام عندما شن الجيش حملة عسكرية عليهم. 
تكره أمي السلاح. وتخشي من التفجيرات ويروعها القتل أينما كان وتشدّ على رأسها بكفيها كلما سمعت موت أو قتل في أية بلاد وكانت تتألم كثيراً منذ أعوام لأن هناك حرب في صعدة. وتقول مستجيرة: يا ظُلمة على الناس والحرب تدكهم! 
تنظر أمي بهلع وعجز إلى كيس القمح المتناقص وترفع عينيها إلى السماء لكنها لا تتنطع في الشكوى لأن 


تعرف أمي أنهم يتحدثون عن تدمير القصر الجمهوري أو قصر الشعب في تعز. تتصور القصر كديمة من ديمها، تلك المخصصة للأغنام. أمي لا تعرف القصر ولم تزره ولم تستظل تحت أشجاره او تنعم بحديقته ولا بأضوائه في المساء. 

17 ابريل 2015 

ما لم يقله ميلر 2

أرأيت إن غادرنا شعابنا حيث كنا نزرع الذرة الحمراء ذات السيقان الرفيعة وطماطم الكرز الصغيرة وجزائر الحبق!؟ 
كانت ربعنا الندي وترابنا الأملودي بعد المطر. 
كانت السنابل لبنية قبل النضوج تتماور بين أيدينا وتتماوج بغنج الريح عند الأصيل وقبل الشروق الفاضح.  من يعود بنا إلى أحلامنا الغضة؟  شعاب الله حصيم ولا مطر.  غادرناها ونسينا المِعوَّل مغروساً إلى سفح التِلم الأول من الجدار حيث كنا نستند إليه من فرط الضحك.  اتخيلني الآن اتوسد جذع سدر خشن فظ. أخشى اشواكه الباسمة كخشيتي الوحدة والبين الأعجف.
م. ن


ما لم يقله ميللر - ٢ 

17 ابريل 2015

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...