الأحد، 28 نوفمبر 2010

رغبة حادة


ابحث عن نفسي بين هذه الاوراق وجرائد الصباح. وشاشات الكمبيوتر الباهتة. بين النوافذ المحكمة الاغلاق واسقف سوداء بالية. افتش عن نفسي بين نظرات المارة ووقع احذية العابرين. لا اجابة. فيتوه النداء. في " الاميلات" الحرف مغضن خشبي. ورائحة الرسائل كعوادم السيارات خانقة تثير الغثيان. اريد احرفا اخرى ونظرة مارقة ذات بروق ورعود .منذ اسابيع وشعور من السأم والخيبة يتملكني. ربما لاني لم أتمكن من الحصول على معقد في اوبرا المدينة ذات مساء. ربما موعدي في الكاتدرائية كان خائباً جداً. ربما لأن السماء خذلتني ذات "ويكيند" بالامطار والبرد فعدت ادراجي كطفل شارد ببطن خاوية. ربما لأن الضحك الذي اهدرنا دمه ذات مساء في غرفة أحد الاصدقاء لم يكن حقيقياً. او لأن حفلة عيد الميلاد كانت مريرة وانتهت بالبكاء وبالسؤال عن الله والصدق والعمر والوظيفة. على الاقل هناك ما يكدرني في هذه اللحظة وهي ان قداحتي لا تعمل فيما رغبتي بالتدخين تجتاحني كاشتهاء في الشتاء.
صحيح لم أعد ارغب. حتى بالكتابة. هل هذا يعني أني صحوت من جنوني؟ الكتابة جنون اذن وتحتاج الى مساحة كبيرة من الحرية واللامسؤولية في بعض الاوقات. لكني ارغب ايضا بالحب. والحب جنون. فأين المعادلة إذن؟ الحب جنون والكتابة جنون. لكنهما لا يلتقيان. فهل يتمزق الابداع بين هاتين المسافتين؟ انها حكاية احتكارات ومستعمرات كبرى. انه صراع قوى. فكيف لي أن ألملم اشلائي. علي أن احتفظ بحريتي على الأقل حتى لا أتوه بين الأحواض الكبيرة. انا سمكة تريد الخروج من الأحواض. لا لتلقَ حتفها ولكن لتعرف نعمة الماء. الخروج تجربة جديدة في حياتها. في التجارب يكمن الثراء، ولكن التجارب تولد الألم. لأن كل تجربة محاصرة بباقة لعنات. لعنة الضمير أو لعنة الأنا، لعنة التاريخ ولعنة الاسم والميلاد، ولعنة كبرى هي لعنة الوقت.
تعبرني رغبة حادة في النزيف. اريد ان انزف لبعض دقائق. بعض دقائق من النزيف على السطور تكفي لاتبرأء من كل هذا البلاء.          

الثلاثاء، 9 نوفمبر 2010

سرب الحمام

يطول طوافي في هذا العالم العنكبوتي. اترحل بين نغم واخر. وبين فقرة واخرى. يستقر بي الحال عند ذكرى جميلة وصورة لا تفارقني. اتذكر طفلي وهو يضحك بعبثية؛ فمه مليء بالحلوى ولعابه يطوف حول ملمضيه. اتذكر ان طفلي الاخر ضربني على رأسي بهاتفي الذي كان يحمله بيده. قصائد نزار تنهال علي من كل جانب. روائح الورد تفوح في راسي. عطري امي وارئحة (الهُرد) الذي تطلي به وجهها كل صباح. اغاني فيروز وكلمات الصديق محمد. مقالات متناثرة وجمل ملحاحة من كتبات باجودة. اساطير رحمة. اصدقاء في الوزارة. المشهد الذي رأيته امس في المقصورة الاخيرة من الترام لعاشقين ذابا في بعضهما البعض. العجوزان اللذان ابتسما بوجهي ملياً. وسراب الحمام الذي يحط ويطير. 

الاثنين، 1 نوفمبر 2010

بين حنين وحسرة

بعض من حنين وحسرة

سأخبركم عن بعض نهاراتي.
هذا الصباح جميل. الشمس تلمس الاشياء بسحر. العري ايضا لم يعد مرحلة جمالية. منذ ايام وانا اتساءل عابرا الجادات والشوارع: ما الذي تخفيه اوراق الاشجار داخلها. اليوم قررت البلدية ان تحلق لهذه الاشجار, تبرجت الاشجار هذا الصباح. بل خلعت عنها بردتها تعرت ولم تعد جميلة.
***
ثلاثة من الرفاق رحلوا ليقضوا الاجازة الاسبوعية بين احبتهم: بريطانيا، الدنمارك، روسيا. وانا، انا الموزع بين اشارات المرور ومحطات الترام, انا الراكب ظهر المدينة ليل نهار. اسير وسط المدينة باتجاه معاكس لمجرى النهر. لا احد يلقي على السلام مثلما تفعل الكلاب. الكلاب فقط تقترب مني تتشممني وترحل.
***
وبالفعل البرد بدأ يشتد اكثر فاكثر لكنه الى حد اللحظة محتمل. شمسنا هنا مختلفة عن شمسكم على كل لا اشتاق لشمسكم في هذه اللحظة. اريد ان التفح بالبرد لتستيقظ المشاعر الميتة في غفلة الزحام. احب البرد. ليس كثيرا ولكن عندما لا يؤلم. احبه لان يذكرني بأنا. لانه يقول لي : قم من غفلتك! احيي مشاعرك واحاسيسك!
 الطراوة التي تلمس الخدود، ورياح الشمال الوديعة في بداية موسم البرد حنونة كالام ووديعة كالحبيبة.

***
اما أنا فإني بين الحنين لمن افتقد والحسرة على البلد كلها؟
ربما لأني لا اهتم كثيرا لاسطح الاشياء. انما ابحث عن العمق فيها. آخذ قسطي من الملذات. لكني احاول الا اغرق فيها. انظر اليها بتأمل. وفي الاشياء المبتذلة اطرح تساؤلات.

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...