الجمعة، 9 فبراير 2018

"كل عام وانت سارق"



في المحصلة لم يعد لدينا مجال لصوغ امنيات حقيقية قابلة للتنفيذ في عالمنا هذا وفي بيئتنا غير التماهي التام مع القانون المفروض كمعادلة ناجعة للنجاح. نريد ان ننجح ونبذل قصارى جهودنا لكن احلامنا تتبخر لأننا لا نمتلك القدر الكافي من ممارسة الرذيلة الجمعية كسلم وحيد.
اقتراب عيد الفطر منحني فكرة جيدة لتهنئة ممكنة وقابلة للتصدير الى اصدقائي الذي يشاركوني في احايين كثيرة خيبة الامل وفي احايين اكثر امل التوق والانعتاق من هذا البؤس الجاثم.
يأتي كل عام ونقول تهانٍ كثير من قبيل" كل سنة وانت طيب" و"كل عام وانت بخير" و"كل عام وانت متفوق". "كل عام واحلامك تتحقق" وحاج  وعريس وسيارة وبيت".
عدى العافية المتدهورة لا شيء يتحقق. وكلما خطونا الى الامام خطوة ارجعتنا البيئة عشرات الى الخلف.
لا شيء يزدهر غير الدواعش والدواحش وجرائم باسم الله وباسم نبيه. حتى يكاد الفرد يتساءل فيما لو ان الايان جلابة للشر المقدس.
كموظف حكومي اجد ان افضل أمنية هي "كل عام وانت سارق" هذا لان سارق او لص حكومي او حتى في القطاع الخاص - اذ لا فرق ، كل يسرق بطريقته، فاذا لم يسرق رب المال سرق نفسه او ساهم في سرقة الناس عبر الاحتيال والغش والتهرب من دفع الضرائب والجمارك والزكوات - لم تعد جريمة شنيعة. الجميع متصالح معها وصارت هي سلم الصعود الوحيد.
اخبروني ! من منكم لم يعرف لصا في وظيفة عامة يترأسه ويصعد إلى الأعلى أكثر فأكثر.
لا فائدة في شهادتنا الورقية التي نحصل عليها. فالشهادة كلما كانت أكثر عمقا وتخصصا كانت اقل جدوى ووبالا على صاحبها بالمقابل الشهادات المزورة هي الاخرى جلابة للحظ والمنصب والمال ايضا.
ربما ينبغي علينا ان نكون اكثر صراحة مع انفسنا ونحدث ازاحة حقيقة للمعنى والدلالة لهذه المفردة. فسارق تعني مديرا كبيرا يصعد أكثر وأكثر في الوظيفة وتتسع موارده واملاكه وتنتفخ اوداجه من المال العام دون حسيب او رقيب.
خواتم مباركه وكل عام وانتم سرق.

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...