السبت، 29 أكتوبر 2011

الحالة غضب


الحالة: غضب
28 يوليو 2011
ــــــــــــ
تقول معظم الأنظمة عند كل مشكلة :إبحث عن الفيسبوك! وتقول الشركات الكبرى عند كل مشكلة: إبحث عن الفيسبوك! الأمر يطال العلاقة بين الأباء والأبناء والأصدقاء فيما بينهم، وأكثر من ذلك الأمر يمس على نحو جاد العلاقات الزوجية، إذن في كل مشكلة عائلية صفحة فيسبوك. إنها مسألة عالم إفتراضي تجاوز محددات العلاقات في الواقع. 

نحن الأن أمام رهان كبير تجاه الذاكرة، والمدونة، والوعي. يقول المفكر العربي محمد عابد الجابري إن العرب كتبوا كثيرا في مواضيع شتى لكنهم لم يكتبوا في الاخلاق. وهنا يمثل التحدي امام الذاكرة الجمعية والمدونة والوعي. ربما لاننا لم نفلسف الاخلاق وننزلها مقام البشرية وانما ابقيناها مقام السماء وبالتالي لم تنلها الايادي / العقول، ولم نتناولها لنستزيد منها ونزيدها.

نحن أمام تحدٍ كبير يتمثل في قدرتنا على إيقاف تماهي الأفتراضي بالواقع. وربما المسألة هي التردد أمام خيارات لنحدد: اين ؟وماذا نريد أن نعيش؟ في الإفتراضي أم في الواقعي.

مثلاً كانت وسائل التواصل الاجتماعي رافدا اساسيا لتحول نوعي وكمي في العمل الثوري في كل من تونس ومصر. حتى أن احدى أهم مطالب الاحتجاجات التونسية كانت متعلقة بالشبكة العنكبوتية وبالفيسبوك. 

لكن يبدو في اليمن ان الناس يفضلون الحياة في الافتراضي بدليل أن الفعل الثوري أنتقل من الساحات والدواوين إلى دواوين وساحات فيسبوكية. 

سأجركم إلى سياق ذاتي بحت وهو حالة أو status الخاص بي أو ربما شعوري اللحظي لكن المتواتر بإنتظام. إنها حالة غضب ما فتئت أعبر عنها مراراً. 
أحد أصدقائي يقول دوماً إن التقنية/ التكنولوجيا الحديثة ستعمل على تحديث الأخلاق وأليات الرقابة وبالتالي كلما تقدمت التقانة والتكنولوجيا كلما تقدمت الأخلاق البشرية لأنها أي التكنولوجيا ببساطة سهلت عملية الضبط.

وعليه صار لزوماً على الإنسان أن يأتي بالصدق لأن وسائل الكشف عنه كثيرة. كما أن التقنية ساهمت كثيراً في الحد من الجرائم لأنها مثلاً أوجدت رقابة وقائية.
بعيداً عن الخوض في دقة القول السابق من عدمه.لأن التطور يتم على وجهين بالتالي سيكون للتكنولوجيا وجهاها سواءً في الاخلاق أو سوء الاخلاق. لكن في حالة الفيسبوك أجد - على الاقل هذه وجهة نظري - أن هذه الشبكة الاجتماعية لم تعمل إلا على رفع هامش سوء الاخلاق: مثلاً. 
لا تجد حقيقة حدث ما لتعدد الروايات وزعم كل رواية أنها مالكة الحقيقة المطلقة: الليبراليون ليسوا ليبراليين واليساريون ليسوا يساريين و الاسلامويون ليسوا إسلامويين. 
لم يتوقف الأمر على الميول والاتجاهات. حالياً الرجال ليسوا رجالاً والاناث لسن إناثاً، لقد بلغ الأمر الى الجنس. 
تتوقع أنك ستفتح صفحة على الفيسبوك للتواصل مع جمع حافل من معاريفك السابقين الذين لم تعد تقابلهم أو مع شخص يقاسمك نفس الاهتمامات لكنه في نيوزلاندا مثلا وكذلك لمتابعة أخبار بلدك وتكثر او تقل الاهداف.
لكن للأسف تكتشف انك فتحت عيادة للمرضى النفسانيين من أشباه الموتورين مثلاً أو موهمي العشق الإفتراضي والملكية الناقصة/ الباطلة.

اثبت الفيسبوك أنه المتنفس الأوسع لكل حالات الإزدواجية في الشخصية / شيزوفرينيا. ليست الإزدواجية فقط بل من له ثلاث او أربع شخصيات.


لقد كشف الفيسوبك عن الكم الهائل من الأمراض الاجتماعية المتنوعة في المجتمع اليمني خصوصاً مجتمع التواصل الالكتروني والتي كانت في طي الكتمان اوخارج دائرة المكاشفة. 
لؤم – خساسة – زور – كذب – نفاق – فتنة - وشاية- تجسس- نميمة – فظاظة- إدعاء- اسفاف - عنصرية الى آخر انواع الروائح النتنة وما أطول القائمة. 

تجد كتلاً كبيرة من النفايات البشرية وأحذية الأسماء القديمة مع أنك لم تكتب في اي يوم على حائطك: "هنا مكب النفايات".

تأسف ان تجد صفحتك قد باتت مأوى للمشردين من مدينة التسامح او الذين نفتهم الرجولة، ناهيك عن  الفقراء الى الشهامة. وما اكثر اقتراحات هذه الشبكة من ثكالى موت الحب ايام الدراسة مثلاً او الباحثين و الباحثات عن حبائل متاهات الدنق (والدانق لغة هو جزء يسير من عملة نقدية- ربما لم يعد له/ لها أي العملة قيمة تداولية).

المتنطعون كُثر. والمتحذلقات اكثر وأشد وطأة. صانعو الاشراك (الكمائن) في منتهى سخائهم التطوعي. والذين يسبحون جوارب وجوههم العفنة في الغداة والآصال هم من العدد والتفاني ما يغبطون عليه.

لا أنكر أن للفيسبوك فضائل أخرى منها أني شخصياً ممنون لمعرفة بعض أسماء لأشخاص لا يقايضون بالنفائس، وصار لي أخوة – لاحظوا أني لا أستطيع أن  اقول اخوات لدواعٍ عديدة - هم اقرب إلى من أبناء جلدتي وممن هم أخوة لي في النسب والرضاعة. .

مع هذا فإن حالة الغضب ستظل ملازمة حتى يزول هذا العفن الإليكتروني

على عتبة البطالة


قصة قصيرة
على عتبة البطالة
 1 يوليو 2011
تخديرة قات اخذتنا الى نوبة ضحك هستيرية. نهضنا قصد الخروج لتناول العشاء فتنادينا بمفاخر وهمية جعلتنا نقف في الشارع وتحت جنح ظلام المدينة نتساءل عن احلام كانت لنا ذات طفولة.
ماذا كنت تريد ان تصبح عندما كنت طفلاً؟ هكذا تساءلنا
- طبيب
- طيار
- محامي  

ترتفع نوبة الضحك الهستيرية الى نحو يثير الشفقة. ها نحن ثلاثتنا نقف اليوم على عتبة الثلاثين من العمر. نقضي اوقاتنا في سرد يوميات البطالة المستفحلة. ملامحنا تتفرد بكبرياء مكسور. لم ينل احد منا حلمه وذهبت سنون التعليم نحو تخصصات تمنح شهادة في الامية.

- ثلاثون. ثلاثون سنة من دون بيت او سيارة او زوجة وطفل. ثلاثون عاما نخجل بعدها ان نقول ماذا نعمل ولماذا نعمل.

ثلاثون عاما من الكدح وراء القنانة لتوفير ايجار شهري يدفع مقابل جدران موحشة لمؤجر لا يفقه في شرعية الاحلام شيئا.

على عتبة البطالة


قصة قصيرة
على عتبة البطالة
 1 يوليو 2011
تخديرة قات اخذتنا الى نوبة ضحك هستيرية. نهضنا قصد الخروج لتناول العشاء فتنادينا بمفاخر وهمية جعلتنا نقف في الشارع وتحت جنح ظلام المدينة نتساءل عن احلام كانت لنا ذات طفولة.
ماذا كنت تريد ان تصبح عندما كنت طفلاً؟ هكذا تساءلنا
- طبيب
- طيار
- محامي  

ترتفع نوبة الضحك الهستيرية الى نحو يثير الشفقة. ها نحن ثلاثتنا نقف اليوم على عتبة الثلاثين من العمر. نقضي اوقاتنا في سرد يوميات البطالة المستفحلة. ملامحنا تتفرد بكبرياء مكسور. لم ينل احد منا حلمه وذهبت سنون التعليم نحو تخصصات تمنح شهادة في الامية.

- ثلاثون. ثلاثون سنة من دون بيت او سيارة او زوجة وطفل. ثلاثون عاما نخجل بعدها ان نقول ماذا نعمل ولماذا نعمل.

ثلاثون عاما من الكدح وراء القنانة لتوفير ايجار شهري يدفع مقابل جدران موحشة لمؤجر لا يفقه في شرعية الاحلام شيئا.

الفِهنة. حالة ذهنية بسلطة باراديم

الفِهنة. حالة ذهنية بسلطة باراديم
24 يونيو 2011  
تتركز حياة اليمنيين حول طريقة معينة في الحياة تمثل اختيارهم وتصورهم لما يريدون ويختزلون التعبير عن هذه الطريقة بكلمة ربما من باب حرصهم على تحديد المعنى وعلى تعميم المدلول. فكثيرا ما يتم سماع جملة "نشتي نفتهن" في الاماكن العامة حتى يبدو انه المطلب العام لليمني. وتتناسل من هذه الجملة صياغات متعددة ذات ترابط عضوي. فمثلا " فلان مفتهن"، رغم الشقاء البارز عليه، "وشعب مفتهن" لرثاء حالة البؤس العامة، "وحاجة تخليك تفتهن" من باب الترغيب بما هو فتاك، لتغدو بهذا "الفهنة" مجموعة رؤى ذات سلطة وهنا يستقيم لدى اليمني باردايم كامل. ولا تعد الفهنة هي الباراديم الوحيد الذي يمتلك سلطة بلا حدود. فهناك باردايم مؤثر جدا وهو رؤية معنية للواقع والخيال تنطلق من الهاجس الجنسي كاستعاضة عن العجز واللانظام.

ولكن يجدر بنا تحديد مفهوم بارادايم paradigmاذ تشير التعريفات الى نظام تفكير او نموذج ارشادي.

وعودة الى باراديم "فهنة" فهو مجموعة من الافكار والرؤى التي تضبط سلوك وتطلعات اليمني وحالة ذهنية تقارب اللااكتراث بالاستراخاء المغمور باللامسؤولية مع نزوع الى الاهتمام بملذات اللحظة وان كانت ملذات هينة ولا تمتد للغد. وربما يكون اقرب تعيين دلالي للفهنة هو الظفر بسعادة متوهمة مع انزياح للمسؤولية. وللفهنة تمثلات كثيرة تتنوع بين الازمنة فمثلا "قد كنت مفتهن" وهي بنرة تأنيب مع حسرة مفتعلة. وكذلك "ايحين عتفتهن؟ كسؤال يبحث عن فرص العطالة في المستقبل. وواقعنا الراهن مليئ بهذه التمثلات من قبيل ثورة فهنة لانها مرتبطة بتخدير ثوري عميق او لان الثوار يحرصون ضمن نشاطهم اليومي على ان تتوافر عليهم الفنهة. وربما ألت الثورة الى رغبة من قبل الادارة الامريكية الى انتقال مفتهن للسلطة. اوضح من ذلك ان الشباب لا يفتهنون طالما والأولاد موجودون كما ان الأولاد لن يفتهنوا من وجود الاحمر بكل الاحجام او لاستمرار الساحات.
النقيض لبارادايم "الفهنة" هو "النثرة" باعتبارها مكاينزماً كفيلاً بتعطيل الحالة الذهنية للمفتهن.
الواضح جدا ان اليمن لن تفتهن ما دام البعض يعمل بعقلية النثرة.  

البحث عن شرعية تاريخية مريحة للثورة

البحث عن شرعية تاريخية مريحة للثورة 
23 يونيو 2011 
ما اعظم اجتهادنا في التفكير بطرق التكيف مع صعوبات المرحلة الراهنة. لقد فكرنا كثيرا كيف يمكننا مثلا الحصول على عشرة لتر من البترول او كيف يمكننا ان نتفنن في التعبير عن قرفنا الناتج عن انقطاع الكهرباء بينما لن نهتم بالتفكير عن اسباب هذا الاستياء. نحن افضل زواحف تقاوم الانقراض الآتي من السياسة العمياء او من انتقام البلاهة.
وبالعودة الى اطر تفكير اوسع لقد اهتم الجميع على صب كل المخاوف وتحديد مكامن معوقات الثورة وقبلها التنمية نحو ابن القبيلة وحمّل هذا الاخير عبئا اكثر من اللازم بينما تم تناسي تناسق قوى الحداثة مع الثورة. ينظر القبيلي الى الثورة على انها وسيلة لتحقيق مصلحة ذاتية تقود الى استقامة المصلحة العامة بينما ينظر اليها الحداثيون نظرة رومانسية وينظر اليها اليساريون بمقياس ماركس. وتغيب مفردة ثورة في ادبيات الاسلاميين وربما يتعاملون مع الثورة من قبيل الجهاد بينما ينظر اليها طرف اسلامي اخر على انها استشهادية فدائية. وتغص الساحات باليات العمل الانتخابي وميكانيزمات التعبئة وبهذا ينحرف مسار الثورة الى مماحكات التعبئة هذه.   

هل الثورة في اليمن هي السياسة الموجهة بقوة الشارع كما هو الحال في الثورة البرتقالية في اوكرانيا؟  

ابعد من هذا. لقد ولجت الثورة في جدل ناتج عن اجترار موروث القضايا السياسية التاريخية نحو قلب الفعل الثوري وبالتالي وقف الماضي عائقا دون الاشتغال على الحاضر وغاب التفكير بالمستقبل. وهذه مرحلة حرجة لان الماضي لا يوفر شرعية مريحة لكثير من قوى الثورة. لكن التساؤلات المتداولة بين الصفوف الثورية تدل على احقية الثورة كحدث تاريخي وعلى شعبيتها ورغبة المشاركين فيها على الخروج بثورة متعالية على مساوئ الماضي وان كان ذلك باثارة السؤال حول شرعية القوى الثورة عينها. 

المرحلة 2


المرحلة 2
14 يونيو 2011
1
لا تزال صنعاء تعيش حالة تحفّز كبيرة فمظاهر التوتر الامني لم تختف كما ان الاستعدادت الامنية ما تزال قائمة لكنها اختلفت نوعياً فبدل استعدادات امنية لمواجهات المتظاهرين بدت الاستعدات الامنية على انها انتقلت الى مرحلة قتالية اكثر تقدما وهي استعدادات لمواجهات مع قوى مسلحة محتملة في شوارعه المدينة وزاد من حالة الهلع الفرح الذي نفذه اركان النظام عبر اطلاق النار في الهواء في وقت متأخر من الليل في حادثة ليس لها سابقة تاريخية.
 حالة الهدنة القائمة من الهشاشة بمكان وقابلة للانفراط في اقرب وقت ممكن . لكن الاسوأ من ذلك هو الحالة الاقتصادية والغذائية. البقال المجاور لم يعد قادر على توفير متطلبات غذائية اساسية فليس لديه زبادي منذ ايام ولم يعد قادر على رفد محله بقناني الماء سيئة الفلترة. منذا اكثر من اسبوع وانا ابحث عن موز ولم اجد. الفواكة والخضروات تكاد تنزلق نحو خانة النادر. مواد الوقود والمحروقات هي الاخرى تحكي نوادر كثيرة وصارت في عداد المنعدم.
- اذن السيناريو القادم في تصور انصار النظام هو الاستمرار في العقاب الجماعي والوصول بالمدينة الى فقدان المواد الاساسية وحالة المجاعة وهذا لوحده كفيل بفض الساحات الثورية تحت وطأت الافتقار للمواد الغذائية كما ان انهيار مجال العيش والافتقار للاعمال بدوره سيعمل على فض الساحات نظرا لوضع الناس الاقتصادي البائس.
- فضلا عن ان رمضان على الابواب ولهذا يفكر البعض بان الساحات لن تحتمل البقاء حتى رمضان وهذه حسبة غير صحيحة فيما لو توفرت المواد الغذائية الاساسية وبالتالي ينبغي التنبه الى ذلك مبكرا.
- من المهم توضيح البعد الغذائي واهمية وطبيعة المرحلة التي تشهدها العاصمة على وجه التحديد وايضاح امر العقاب الجماعي للمنظمات الدولية وللمجتمع الدولي.

وبعد ان وصلت الثورة الى هذه المرحلة وهي حالة تتنوع بين المراوحة او القفزات النوعية في مسسيرة الثورة التي تقود بدورها الى مراوحة او دائرة مغلقة لكنها مرهقة للقوى الثورية فان تشكيل مجلس انتقال والحديث عن صحة الرئيس ومسألة امكانية عودته ستستهلك جهود الناس.
- من المهم تشكيل حكومة وطنية واعادة تفعيل مؤسسات الدولة وذلك بالتعاون مع الحزب الحاكم كضرورة حتيمة من اجل فك الحصار المفروض على الساحات وايقاف حالة الاقتتال في المناطق الاخرى مقابل استمرار الثورة بصيغتها الشعبية السلمية كخطوة هامة لتفكيك المؤسسة الامنية والعسكرية الموالية للنظام بان نضعها امام الامر الواقع وتحت ضغط الثوار السلميين وتعزيز قدرات الحكومة الوطنية من اجل تمكينها واستحكامها على المؤسسات الامنية والعسكرية بكافة اطيافها . وكذلك استمرار التعاون والتواصل مع الاطراف الدولية الضاغطة على اركان النظام من اجل استقرار اليمن بحيث يكون هذا الاستقرارا متوافقا مع اهداف الثورة وليس على حسابها.   

2
بعد خروج صالح بهذه الطريقة دخلت البلاد في حالة عائمة غابت فيها الدولة باجهزتها وبالتالي سقطت المسؤوليات الخدماتية والاجتماعية عن هذا الجهاز وهو ما سمح لانصار النظام باستغلال هذه الحالة في تنفيذ عقاب جماعي ضمن استراتيجياتهم في عملهم السياسي. وانشغل المجتمع ككل والقوى الثورية على وجه الخصوص بالبعد السياسي للثورة من خلال الخوض في نقاش حول المجلس الانتقالي والانتقال السلمي للسلطة وصلاحيات نائب الرئيس وهذا سبب حالة سكون للفعل الثوري.
ولهذا:
-  علي القوى الثورية ان تعيد توزيع جهدها وتنظيمه وذلك من اجل الدفع بالمكسب السياسي الذي تحقق منه 60% على اعتبار ان خروج صالح يمثل نجاحا ضمنيا للثورة وبالتالي نتحدث عن التالي ومنها استكمال نقل الصلاحيات الرئاسية وعليهم ايضا تشتيت جهود انصار النظام عبر تفعيل الورقة المطلبية لمحاصرة هذه الجماعات ودفعها الى التسليم بحقيقة عجزها عن الاستمرار وبالتالي تسليم مقاليد السلطة واعادة تفعيل دور الدولة كمقدم للخدمات الاجتماعية.
فمثلا غياب المواد الاساسية والوقود وانقطاع الكهرباء والمياه كفيل بإقامة ثورة مطلبية كاملة.
- ولذا يجب النزول الى الشوراع وتفعيل هذه الورقة هذا من ناحية ومن ناحية اخرى واستكمالا لاهداف الثورة فان على القوى الثورية ان تبدأ مسألة تطهير الفساد بان تطالب باقالة مفسدين في وزارات وهئيات الدولة وعليها ان تطالب باصلاحات ادارية وهيكلية من شأنها تقويم الدولة ويتم ذلك من خلال النقابات والجمعيات والاتحادات المهنية.
- يمكن قياس الوضع الحالي ومدى سيطرة انصار النظام على زمام الامور وذلك بتجريب الخروج في مسيرات عبر شوارع جديدة تخرج عن نطاق المربع الذي حوصرت فيه القوى الثورية في الساحات.
- على القوى الثورية ان تتعامل مع القائم باعمال الرئيس على اعتباره صاحب الشأن والمعني الاول في هذا الوقت وتطالبه بتشكيل حكومة وحدة وطنية والشروع في تفعيل صلاحياته وبهذا فانها تعزز نقل الصلاحيات إليه.

الحب في زمن الحرب

الحب في زمن الحرب
 قصة قصيرة
9 يونيو 2011
كان املهما كبيرا بان يجمعهما يونيو هذا العام. لقد طال فراقهما. فبعد ان سافر لم يتمكن من رؤيتها وصوتها لم يكن يصله إلا لماماً. لكن حزيران هذه المرة لم يكن عند مستوى التوقع. لقد حنث بوعده. كان قائضا منذ البداية وكان بخيلا على الارض بالامطار. لم يبدا المزارعون في بذر الارض وكانت مناظر المدرجات الجبلية وهي عارية يبعث على اليأس والتشاؤم. كانت كالقفص الصدري لجثة ماعز نفقت من الطاعون.
في حزيران تمضي الحيوانات بعبوس كبير فيما لا تكف الحميرعن النهيق. الكلاب على وجه الخصوص تذرع الطرقات وكانها تفتش عن صاعق تفجير لشجارات العائلات. تشح القلوب ويزداد منسوب الخصومات لدي ابناء القرى. يشعر الجميع بضيق لا يدركون مصدره.  

اما المدينة فقد غدت اكواما من الاسمنت، علباً صماء لا حياة فيها بعد ان سكنها الخوف. بينما يتحول مساء المدينة الى استديو هائل للافلام العنيفة. المواجهات المسلحة تحصد الشوارع لتمتد الى اهم المقار الحكومية. قصر الرئاسة لم يعد بمنأى عن هذه الهجمات العنيفة.

كان اسواء ما في الأمر هو اضطراره الى النزوح من منزله تفاديا للموت اثر القذائف التي تنهال على المنازل كامطار نيسان. اكثر من اسبوع هو يتنقل من صديق لاخر بنفس الملابس. يتنقل كحدأة عرجاء لا تقوى على الطيران.

- اشتقتك ولم اعد اقوى على مزيد من الانتظار
- شوقنا نار تلضى في نهارات باردة لعاشقين تفصل بينهما متارس القتال.

كان موعدهما يوم اربعاء. يوم بلا تاريخ مجرد اربعاء. يوم منحوس على المدينة التي لا تعرف الاستراحة من ازيز الرصاص ودوي المدافع.
ما هذه الارض التي لا تحترم رغبة عاشقين. ما هذه الحياة التي لا تفسح المجال للحظة جمال، لمشاعر صادقة. ما هذه الشواراع غير القادرة على ان تئم قلبين احترقا لوعة.

- اريدك. اريد اضمك إلي. اريد ارتوى من قبلاتك. سألثمك. سأعض على شفاهك
- الاماكن حالت بين وصالنا. أني امتلئ بك املا وانتظار.

فات الاربعاء وبعده اربعاء اخر. قطار شوقهما يمر بلا محطة توقف. طلقة فقط قادرة على افراغ كل هذا الحنين. طلقة طائشة قادرة على اغتيال الحب في مدينة اليباب.

اليمن والألم من الداخل

اليمن والألم من الداخل
9 يونيو 2011 

النظر الى اليمن من خلال المشهد الثوري كنص يعبر عن الوضع الحاصل ويجسد حقيقة التحول المنشود بمثابة اختزال جائر لقوة الرياح باعتبارها غير مرئية لكنها مدمرة. بالنسبة لي لست الثورة في لحظتها الراهنة باكثر من انثى كلب تناولت ضمن طعامها قطعة زجاج. ابتلعت قطعت الزجاج. تتقطع بعض احشائها بينما يسيطر عليها احساس بالدوار وشعور حاد بالاختناق. تزئر على نحو مخيف وتتقلب هيئاتها بلا توقف. زئير لا ينبع من قوة وهيبة وانما لأن الألم من الداخل. في تصوري هكذا هي الثورة وهكذا هو حال مكونات عديدة في اليمن سؤاءً الحزب الحاكم او حكومة التسيير وربما الأسرة الحاكمة عينها.

اسوأ من ذلك هو ان التطلع الى يمن ديمقراطي ومديني كعملية جراحية بالغة الحساسية ومهمة لانها علاقة حياة او موت لهذا الجسد يتم التمهيد له عبر ايادٍ تفتقر الى الخبرة في هذا المجال. ثمة مثل عربي رائج التداول في احدى بلدان المغرب العربي يقول: الحلاق يتعلم برأس اليتيم. فهل يعقل أن يتم ارساء قواعد الديمقراطية في اليمن على يد بلد لا دراية له بهذا الشأن؟  

وليس باحسن حال من ذلك تركة الرئيس السياسية التي خلفها لمن بعده خصوصا اقرب الناس إليه. لا ينطبق القول بانها تركة الرجل المريض فحسب. انها مزرعة واسعة ملغومة وبلا خارطة زرع الغام.

اي تعقيد يمكن تصوره في حال كان الورثة والمعنيين لا يملكون من العقل الكفاية. ادل شيء على ذلك هو تنفيذ احتفال متخيل له علاقة بصحة الرئيس وتجري مراسم الاحتفائية باطلاق النار على السماء من كل شبر من العاصمة قبيل منتصف الليل كرسالة من مدعي نظام وحسن ادراة يوحي من خلالها على جاهزيته لادراة البلاد بالنار والحديد. انها اشبه بحماقة مدخن سجائر يصر على اشعال سيجارته جوار برميل بارود في مخزن ارضي لعمارة مأوى الايتام.

تفرغ مخازن اليات القتال في الهواء لاثارة الرعب كطريقة بدائية للاحتفال والفرح بينما لا يخجل احد من ان الكهرباء لا تصل الناس بشكل منتظم في اليوم الواحد وان انقطاعاتها تتجاوز الثلاث الى الاربع مرات في اليوم الواحد. واكثر خزي من ذلك هو طوابير السيارات في شوارع محطات الوقود والتي تمتد لاكثر من كيلومتر في عاصمة بلد منتج للنفط.

كيف يمكن تصور اننا في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين بينما ارباب السلطة ينفذون مسرحية عابثة بأن يجعلوا من العاصمة ملعبا مفتوحا لطلقاتهم النارية في كل اتجاه. 

ثورة ما بعد الحرب

ثورة ما بعد الحرب 
2 يونيو 2011  
3

ارباك شديد ممزوج بالعضب اصاب الناس هذه الايام.  تلقينا ضربة شديد في الاعين فذهبت عنا البصيرة في لحظة تفاقم الالم لتتوجه اصابع الاتهام نحو اطراف ثانوية وتجاهلنا المجرم الحقيقي. اكثر ايلاما من اجتياح ساعة الحرية في تعز هو التنكيل بالنساء الناشطات في المدينة التحرش بهن ومعاملتهن بكل سقوط اخلاقي.

اية عقلانية او حكمة يمكنا ان نطالب الناس فيها في لحظة كهذه؟ وكيف يمكننا صيانة المسار الثوري السلمي في لحظة التدمير هذه؟

لن تحرمنا هذه اللحظة الكئيبة من حقنا في ممارسة التفائل في رؤيتنا للامور ولهذا فاننا نقدر ان من الاهمية بمكان ان يتم توظيف هذه الطاقات الثورية بحيث يرتفع رصيدها من الانتاجية على مستويات شتى.

وبما ان ساحات الثورة هي جمع لفيف من قوى وتكلتلات مختلفة المشارب لكنها اجمعت على هدف واحد بعد ان وصلت الى قناعة ان النظام القائم لا يعد اكثر من مصدر تدمير للبلد ان من قدرته على ان ينفعها.  واكثر من ذلك ان اتفقت على طريقة نظالها وانتهجت الطريق السلمي واثبتت بسالة وصمود وعزيمة لا تلين وقدمت لذلك تضحيات كثيرة وها هي الان تصل الى طريق فرعي عن النهج السلمي وهو مواجهة عدوان غاشم يتوجب الرد عليه عند الحدود الدنيا دفاعا عن النفس.
واذا كانت الثورة قامت على انها حاصل جمع مطالبات تتعلق بالحياة المعيشة والعيش الكريم واستشراف غد افضل زائد تطلعات سياسية لبناء يمن جديد مدني وذي مواطنة متساوية فانها ستعود الى نهجها السلمي بعد ان تكتمل احد حلقات مراحل الثورة بقوة السلاح كحلقة مفروضة ولا بد منها وهي مشروعة وان كانت غير قانونية والشيء الكفيل بالعودة الى السملية هو ان القوى السياسية من التعدد والتوازن بمكان بحيث لا يتغلب فريق على اخر وبهذا فانها ستدرك ان عودتها الى مواصلة العمل السلمي هو النهج الوحيد لتحقيق اهداف الثورة.  
ينبغي على القوى الشبابية ان تفكر في ثورتها السلمية وكيفية الحفاظ عليها في المرحلة القادمة وعلى ان يتركز التفكير في الحفاظ على حالة التحفز لاحقا من اجل الحفاظ على الاهداف التي صاغتها للثورة وتحويلها الى مكتسبات وذلك من خلال الانتظام في حركات متفاعلة بشكل دائم. ربما تكون اهم اشكال هذا الانتظام الذي يكفل الفاعلية هوتفعيل النقابات والالتحاق بها ولعب الدور الكامل في اطار عضويتها وذلك لترجمة اهداف الثورة على المستوى المهني من ناحية. وهذه خطوة بقدر ما تكفل حقوق المنتسبين الى هذه النقابات فانها ستعمل على تخفيف واجتثاث الفساد المالي والاداري.

اما على الصعيد السياسي فان البلاد بحاجة الى خارطة طريق تزيد من فاعلية القوى السياسية التي اجمعت على مدنية الثورة وعملت الى جانب قوى ثورية على رسم معالم الدولة اليمنية لما بعد رحيل النظام. بل وتوسيع الساحة المخصصة للعمل السياسي وذلك اما بتشكيل قوى جديدة واو ضم قوى اخرى كانت في الهامش سابقا. ربما لا يقتصر حالة الانفجار التي ستصيب الحزب الحاكم لتصل الى احزاب المعار ضة ذاتها وهنا سيتم الفرز على اساس البرامج السياسية والاستعداد لاقرب فرصة انتخابات. الخارطة السياسية الحالية معقدة ومتنوعة لكنها لا تخلو من ثراء وتباين يمكن توجيهه على نحو جديد اكثر نضجا وانتقالا الى مرحلة ترسيخ للمدنية ودولة المواطنة.

نحن الان ربما ننجر كثيرا وراء تبريرات لما يحصل من قبيل انها مواجهات بين قوى تقليدية ونظام والمجتمع المدني لا يحتمل هذين الطرفين على ان هذا التبرير ليس إلا مجرد تنصل من مسؤولية اجتماعية ووكنية تبيح الاقتتال وتسمكح للسلطات بما لديها من عتاد بان تظفر على طرف اخر اقل منها قوى. والفكرة الاهم هي لماذا نحرص على نبذ القبائل من الخارطة  السياسية ليمن الغد ونحن نعمل انه احد اهم مكةنات النسيج الاجتماعي؟ لماذا نفكر بهذه الطريقة الصفائية التي تريد يمنا صاف من القبائل؟
وجود القبائل في اللعبة السياسية كفيل رئيس بانجاح اهداف الثورة طالما والقوى التقليدية تؤمن بانها طرف ضمن اطراف اخرى بل وتسارع الى تبني النهج السلمي وتطالب بمدنية الدولة الجديدة.
قد يقول لابعض: إنها مجرد تغيريات شكلية في خطاب القبيلة بهدف الانقضاض على الثورة الفتية. لكننا نرى ان هذا غير صحيح لان القبيلة لم تكن اكثر من طرف متضرر من الوضع السابق  وإلا لما سارعت الى اللجوء الى الثورة لانقاذ نفسها. ومن المفارقات ان البنى التقليدية صارت هي الاكثر تطلعا الى دولة مدنية من القوى الامنية والعسكرية على عكس ما كان الوضع في ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم. لقد غيرت القبيلة من طريقة تفكيرها بينما شاخت النظم العسكرية وتعفنت وهذا شكل من اشكال التطمينات المستقبلية.   

التفكير في مآلات حرب أهلية مفروضة

التفكير في مآلات حرب أهلية مفروضة 
1 يونيو 2011 
 2-
يغيب العقل عند التفكير في مسألة تتصل بالألم. لا يكف الناس في كل ربوع اليمن عن الحديث عن اخر التطورات. ربما يتعمق البعض منهم في الحديث عن تجذر اخلاقيات الثورة ابتداء بسلميتها وانتقالا الى قدرتها على استنهاض الروح الوطنية واستعادة الذات اليمنية وتوحيدها للصوت اليمني في اطار تنوعه. لكن منذ الامس ثمة شرخ حدث في هذه الاسطوانة ليتحول الحديث الى زمجرة تدل على صدمة كبيرة تمس الضمير اليمني وذلك بانتقال المشهد العام الى هبوت امام ازيز الرصاص او دوي المدافع وقد انتشر الرعب  وابتداء الحلم يسخن في طريقه للتبخر بحسب البعض او ربما لصدمة يواجهها الناس في حقيقة ان السلطة لا تملك قدرا مطلوبا من الحكمة. احداث تعز كان العمل المروع الذي دفع بكثيرين من المناديين بسلمية الثورة الى الحديث عن عمل مواز لهذا العدوان الوحشي المتنصل من كل اخلقيات المواجهة ورادع له يسترد الكرامة ويضع حد لهذا التمادي الحاصل في ظل سكوت دولي وربما مباركة اقليمية كما يزعم البعض.

تتشعب التأويلات لما يحصل واكثر من ذلك ان النظرة اصبحت سوداوية بكثافة مفرطة وان الناس عندما يتكلمون عن اجتياح ساحة الحرية الذي حصل في تعز تلتمع في اذهانهم صور البنادق وتتراقص اصابعهم في بروفة ضغط على زناد الرد العنيف. انها طعنة في الظهر قد يراها البعض على انها تعويض لهزيمة اخرى تلقاها النظام في صنعاء ويحاول تعويضها عبر تعز. وقد يبالغ ابناء تتعز في حديثهم عن ما يحدث لمدينتهم المغدورة ويتعاملون مع الامر بعقلية آرية بحسب رأي صديق. على ان الدم اليمني لا يتجزأ لكنه من حق العزل علينا ان نناصرهم في مواجهة آلة وحشية لا تحمل القليل من اخلاق العداء. 

ما اسوأ ان يموت اخوك بين يديك فيما انت تقف عاجزا بلا حراك. في ههذ اللحظات بالذات يستحضر الذهن كل امكانيات العداء والرغبة في الانتقام بعيدا عن العقل ويستجلب معه موروثا ثقيلا تحريضيا يحض على دحر الجهل بالجهل او الجنون بالجنون. ويأتي سؤال: هل انفجر الوطن جراحا غائرة ام دمامل قبيحة؟
ثم ماذا عن خارطة الطريق التي كنا نحيكها بخيوط بيضاء؟

اي رد علينا تنفيذه وما هي قدرتنا على الصبر والتحمل؟ ثم ما هي قيمة التمسك بالبعد الاخلاقي في ظل مواجهة من هذا النوع؟ هل انتهى الرهان على حدود الرغبة على القتل لدى القاتل؟ هل علينا ان نرمي بعيدا توسلاتنا لضمير الانسانية لدى الجلاد؟ ثم ماذا لو سلكنا الاقتتال؟ اسئلة كثيرة لا حدود لها. والاهم ان لا اجابة لها تستطيع ترويض الغضب المحمود مع الاصرار على تحقيق الهدف.

اكثر ما يٌخشى في هذه المرحلة الراهنة هو وصول الناس الى مرحلة اليأس المعززة برغبة في الانتقام. ستكون اكبر مواجهة مفتوحة. وسيكون اضخم مهرجان للجنون. بل ابشع اخوة نكتبها في تاريخنا الحديث. 
هل سنٌترك وحدنا في مواجهة كهذه؟ هل على تعز ان تتخلى عن هويتها كمدينة فاتحة للمدنية في هذا البلد الوعر؟ هل علينا ان نبارك لمن استطاع ان يعمم القبح؟ انه التفكير في مألات حرب اهلية مفروضة.

حصاد الاسابيع الاولى بعد العودة



 حصاد الاسابيع الاولى بعد العودة 
في رسالة الى صديق 
صنعاء 28 مايو 2011 

1
الصديق الغالي . ليس سكوتا ما انا فيه ولكن حيرة. بالمناسبة بعد عودتي بيومين سافرت الى القرية لزيارة امي وابي وكذلك الاهل فلقد مضى على 3 سنوات ولم اذهب الى القرية اي منذ ان دخلت الخارجية. امضيت هناك 9 ايام  كانت هادئة الى حد كبير لكن الجدل السياسي كان المسيطر الاول عليها كما كان انتظار الامطار يشكل هما اخرا ويحز في النفوس اكثر. ادهشني اشتراك الناس في الشان السياسي وهو في الحقيقة ليس اشتراكا في الجدل السياسي بقدر ما هو اشتراك في تحديد مصير ووجدت ان الاغلبية الساحقة في قريتي وكذلك في تلك المحافظة قد قررت لفظ صالح الى الابد وهي الان على يقين تام بانه مصدر كل شر وبلاء لحق باليمن وسيلحق به كذلك والحقيقة ان هناك وعي معقول وكذلك احاطة بقضايا الفساد ولقد ساهمت قناة سهيل الى حد كبير في ايضاح الحقائق رغم تحفظي على اسلوبها المتحزب في التعامل مع الوضع لكن وجودها هام جدا في هذه المرحلة ولعل من اسباب ادراك الناس لشرور صالح بتفاصيل اقتصادية يعود الى هذه القناة ناهيك عن دورها في تجسيد صور البشاعات التي يرتكبها النظام سواء في القتل او في الكذب  كما انها اعادت الاعتبار لبعض الحقائق التاريخية المتعلقة بالوحدة والحرب التي تلتها وحقيقة الانفصال واعادة الاعتبار للقضية الجنوبية ونظال اخواننا في الجنوب وان كانت لم تتعرض لممكنات الحل لكنها اشارت الى بشاعات صالح منذ اللحظة الاولى. كان جدل الناس حماسي الى حد كبر فيما يتنافسون على تقديم حقائق وارقام ودلائل على هزيمة صالح النفسية والعملية. عدت بعد ذلك برفقة ابي الى صنعاء ليعاود الدكتور بعد ان كان قد اصيب بجلطة قبل 4 شهور خرج منها والحمد لله وبقيت اثار بسيطة وكانت ملاحظة ابي الاولى بعد ان وصلنا الى صنعاء هي ان هناك مناصرين كثر لصالح في صنعاء فيما الامر مختلف تماما في تعز وربما في بقية المحافظات الشرقية والجنوبية. وهذه حقيقة والسبب يعود الى ان صالح ونظامه يعمل على توظيف البعد المناطقي في هذه الاحداث ليعزز الخوف لدى سكان المناطق الشمالية من استحواذ ابناء الجنوب وابناء تعز على وجه الخصوص لمقاليد الحكم بعد رحلية رغم ان الاصلاح يعمل جاهدا على نفي ذلك لكن صنعاء لديها مخاوف كثيرة منها هذه الفكرة اولا والفكرة الاخرى هي تخوفها من القبائل واسرة الاحمر وتخوفها من الراديكاليين والاسلاميين وعلى كل تتساقط هذه المخاوف تباعا. يمهني جدا ان اوضح لك ان هذه الثورة هي مدنية بامتياز وان لاصحاب تعز السبق والدور الريادي في اشتعالها ونضوجها ولهذا فهم في مرمى نيران صالح وتوعداته لهم بعد ان ينتصر على خصومه. الاحداث هنا معقدة وتزددا تعقدا يوما بعد اخر لكن هزيمة صالح باتت حقيقة لا جدال فيها على ان المخاوف من ثمن وتكلفة هذه  الهزيمة هي مثار تساؤل. اي هل سيذهب بطريقة سلمية. ان الحلقة الاخيرة من سقوط نظامه ستكون دموية وعبر مواجهات مسلحة مع القبائل او مع اتباع علي محسن. وهنا ستكون النتائج مختلفة تماما وستتغير معها موازين القوى في الفترة اللاحقة لرحيل صالح. لا اخفيك ان الاوضاع الاقتصادية بلغت حدا من البؤس لا يقاس وان الاوضاع المعيشية باتت في منتهى الصعوبة فلقد كسدت الاسواق وتغيرت معالم الحياة في المدينة وازددات البطالة وارتفع فقر الناس وامراضهم كما ان الاسعار ارتفعت وان ازمة الوقود ضربت مصالح الناس في الصميم ناهيك عن ان الكهرباء باتت ضرب من الخيال ولم يعد بوسعنا مشاهدة التلفاز او الكتابة على النت الا في اوقات نادرة . الشائعات تهصرنا هصرا والمخاوف بكل انواعها تصنع زوابع لكن هذا لم يثن الثوار عن عزيمتهم ولم يحل دون وجود تفاؤل مع نقمة الناس على السعودية ودورها في تميع قضايا هذا الشعب وتدخلاتها المخزية التي لا تناصر تطلعات الناس هنا. كما ان العامة تشعر بخجل ازاء سكوت المجتمع الدولي بل ويغار الناس من ليبيا وسوريا لانهما خطفتا الانظار عنا وشكلت الاحداث فيهما عوامل كبح للثورة اليمن. تسارع الاحداث في اليمن  لا يسمح بانجاز تحليلات رصينة كما ان المعلومات غير الدقيقة لا تساعد على ذلك. غير ان المؤكد ان صالح لا يريد الرحيل على خير وانه ينتوي الشر كل الشر لهذه البلاد ولا يهمه من الامر شيء وقد تعلق بخصومات شخصية مع على محسن ومع اولاد الاحمر وتجاهل الملايين من ابناء الشعب ناهيك عن انه لم يعد يستمع لذووي الخبرات وصار محاطا بثلة من المنتفعين قليلي الخبرة وطائشين والدليل على ذلك تسارع وتيرة الحماقات التي يرتكبها في حق اليمنيين والخارج. القبائل اثبتت جسارة غير معهودة وخارج النفعية المعهودة وهي الان تتسلح بوعي ثوري كبيرة وحريصة جدا على نجاح الثورة مع تركيزها على تاسيس دولة مدنية ربما تتباين الرؤى حول تفسيرات هذه المفردة ولكن دولة مدنية هي اساس هذه الثورة كما ان المدة التي طالت في عمر الثورة نفعت كثيرا في تهذيب الناس وقبولهم بالاخر وخلق تحالفات غريبة مثلا تحالف اليسار والليبراليين مع الحوثيين وكذلك موافقة الاصلاح على ادراة الساحات بما فيها من تنوع وقبوله للاخر الى حد ما وهذه من ايجابيات الثورة. بالمناسبة عيد الوحدة هذه المرة كان شعبيا بامتياز وكان له اكبر الاثر في نفوس الناس فهي المرة الوحيدة التي يحتفل بها الشعب بهذه المناسبة في الميادين والساحات دون انفاق مبالغ كبيرة لقد عاد للوحدة اعتبارها . بل ان انصار النظام خفتت اصواتهم على الاقل في الجدل السياسي وباتت حججهم واهية فيما لا يزال على صالح يتعلق بالبلاطجة وما اكثرهم هذه الايام . اقصد ان تدني الفعل الاخلاقي لدى النظام ساهم كثيرا في تشكيل قناعة بضرورة رحيلة. شوراع صنعاء باتت خالية فلقد رحل معظم القاطنين فيها من الماطق الاخرى . منطقة الحصبة جراحها طرية ودماءها لم تتخثر بعد على الارصفة. القادم ابشع ولكن النهاية تقترب سريعا في نظري.

الجمعة، 28 أكتوبر 2011


حصاد الاسابيع الاولى - في رسالة الى صديق

par Mustafa Naji, samedi 28 mai 2011, 23:56
 1

الصديق الغالي . ليس سكوتا ما انا فيه ولكن حيرة. بالمناسبة بعد عودتي بيومين سافرت الى القرية لزيارة امي وابي وكذلك الاهل فلقد مضى على 3 سنوات ولم اذهب الى القرية اي منذ ان دخلت الخارجية. امضيت هناك 9 ايام  كانت هادئة الى حد كبير لكن الجدل السياسي كان المسيطر الاول عليها كما كان انتظار الامطار يشكل هما اخرا ويحز في النفوس اكثر. ادهشني اشتراك الناس في الشان السياسي وهو في الحقيقة ليس اشتراكا في الجدل السياسي بقدر ما هو اشتراك في تحديد مصير ووجدت ان الاغلبية الساحقة في قريتي وكذلك في تلك المحافظة قد قررت لفظ صالح الى الابد وهي الان على يقين تام بانه مصدر كل شر وبلاء لحق باليمن وسيلحق به كذلك والحقيقة ان هناك وعي معقول وكذلك احاطة بقضايا الفساد ولقد ساهمت قناة سهيل الى حد كبير في ايضاح الحقائق رغم تحفظي على اسلوبها المتحزب في التعامل مع الوضع لكن وجودها هام جدا في هذه المرحلة ولعل من اسباب ادراك الناس لشرور صالح بتفاصيل اقتصادية يعود الى هذه القناة ناهيك عن دورها في تجسيد صور البشاعات التي يرتكبها النظام سواء في القتل او في الكذب  كما انها اعادت الاعتبار لبعض الحقائق التاريخية المتعلقة بالوحدة والحرب التي تلتها وحقيقة الانفصال واعادة الاعتبار للقضية الجنوبية ونظال اخواننا في الجنوب وان كانت لم تتعرض لممكنات الحل لكنها اشارت الى بشاعات صالح منذ اللحظة الاولى. كان جدل الناس حماسي الى حد كبر فيما يتنافسون على تقديم حقائق وارقام ودلائل على هزيمة صالح النفسية والعملية. عدت بعد ذلك برفقة ابي الى صنعاء ليعاود الدكتور بعد ان كان قد اصيب بجلطة قبل 4 شهور خرج منها والحمد لله وبقيت اثار بسيطة وكانت ملاحظة ابي الاولى بعد ان وصلنا الى صنعاء هي ان هناك مناصرين كثر لصالح في صنعاء فيما الامر مختلف تماما في تعز وربما في بقية المحافظات الشرقية والجنوبية. وهذه حقيقة والسبب يعود الى ان صالح ونظامه يعمل على توظيف البعد المناطقي في هذه الاحداث ليعزز الخوف لدى سكان المناطق الشمالية من استحواذ ابناء الجنوب وابناء تعز على وجه الخصوص لمقاليد الحكم بعد رحلية رغم ان الاصلاح يعمل جاهدا على نفي ذلك لكن صنعاء لديها مخاوف كثيرة منها هذه الفكرة اولا والفكرة الاخرى هي تخوفها من القبائل واسرة الاحمر وتخوفها من الراديكاليين والاسلاميين وعلى كل تتساقط هذه المخاوف تباعا. يمهني جدا ان اوضح لك ان هذه الثورة هي مدنية بامتياز وان لاصحاب تعز السبق والدور الريادي في اشتعالها ونضوجها ولهذا فهم في مرمى نيران صالح وتوعداته لهم بعد ان ينتصر على خصومه. الاحداث هنا معقدة وتزددا تعقدا يوما بعد اخر لكن هزيمة صالح باتت حقيقة لا جدال فيها على ان المخاوف من ثمن وتكلفة هذه  الهزيمة هي مثار تساؤل. اي هل سيذهب بطريقة سلمية. ان الحلقة الاخيرة من سقوط نظامه ستكون دموية وعبر مواجهات مسلحة مع القبائل او مع اتباع علي محسن. وهنا ستكون النتائج مختلفة تماما وستتغير معها موازين القوى في الفترة اللاحقة لرحيل صالح. لا اخفيك ان الاوضاع الاقتصادية بلغت حدا من البؤس لا يقاس وان الاوضاع المعيشية باتت في منتهى الصعوبة فلقد كسدت الاسواق وتغيرت معالم الحياة في المدينة وازددات البطالة وارتفع فقر الناس وامراضهم كما ان الاسعار ارتفعت وان ازمة الوقود ضربت مصالح الناس في الصميم ناهيك عن ان الكهرباء باتت ضرب من الخيال ولم يعد بوسعنا مشاهدة التلفاز او الكتابة على النت الا في اوقات نادرة . الشائعات تهصرنا هصرا والمخاوف بكل انواعها تصنع زوابع لكن هذا لم يثن الثوار عن عزيمتهم ولم يحل دون وجود تفاؤل مع نقمة الناس على السعودية ودورها في تميع قضايا هذا الشعب وتدخلاتها المخزية التي لا تناصر تطلعات الناس هنا. كما ان العامة تشعر بخجل ازاء سكوت المجتمع الدولي بل ويغار الناس من ليبيا وسوريا لانهما خطفتا الانظار عنا وشكلت الاحداث فيهما عوامل كبح للثورة اليمن. تسارع الاحداث في اليمن  لا يسمح بانجاز تحليلات رصينة كما ان المعلومات غير الدقيقة لا تساعد على ذلك. غير ان المؤكد ان صالح لا يريد الرحيل على خير وانه ينتوي الشر كل الشر لهذه البلاد ولا يهمه من الامر شيء وقد تعلق بخصومات شخصية مع على محسن ومع اولاد الاحمر وتجاهل الملايين من ابناء الشعب ناهيك عن انه لم يعد يستمع لذووي الخبرات وصار محاطا بثلة من المنتفعين قليلي الخبرة وطائشين والدليل على ذلك تسارع وتيرة الحماقات التي يرتكبها في حق اليمنيين والخارج. القبائل اثبتت جسارة غير معهودة وخارج النفعية المعهودة وهي الان تتسلح بوعي ثوري كبيرة وحريصة جدا على نجاح الثورة مع تركيزها على تاسيس دولة مدنية ربما تتباين الرؤى حول تفسيرات هذه المفردة ولكن دولة مدنية هي اساس هذه الثورة كما ان المدة التي طالت في عمر الثورة نفعت كثيرا في تهذيب الناس وقبولهم بالاخر وخلق تحالفات غريبة مثلا تحالف اليسار والليبراليين مع الحوثيين وكذلك موافقة الاصلاح على ادراة الساحات بما فيها من تنوع وقبوله للاخر الى حد ما وهذه من ايجابيات الثورة. بالمناسبة عيد الوحدة هذه المرة كان شعبيا بامتياز وكان له اكبر الاثر في نفوس الناس فهي المرة الوحيدة التي يحتفل بها الشعب بهذه المناسبة في الميادين والساحات دون انفاق مبالغ كبيرة لقد عاد للوحدة اعتبارها . بل ان انصار النظام خفتت اصواتهم على الاقل في الجدل السياسي وباتت حججهم واهية فيما لا يزال على صالح يتعلق بالبلاطجة وما اكثرهم هذه الايام . اقصد ان تدني الفعل الاخلاقي لدى النظام ساهم كثيرا في تشكيل قناعة بضرورة رحيلة. شوراع صنعاء باتت خالية فلقد رحل معظم القاطنين فيها من الماطق الاخرى . منطقة الحصبة جراحها طرية ودماءها لم تتخثر بعد على الارصفة. القادم ابشع ولكن النهاية تقترب سريعا في نظري.  

رافعة جماهيرية لانفاذ اهداف الثورة

29 ابريل 2011  
لا احبذ فكرة انشاء تكتل شبابي سياسي وذلك لتعارض هذه الفكرة مع الدستور اصلا ومن باب ان الاحزاب هي تمثيلية وهي شاملة لكل الشرائح والوطن ولكن يحق للشباب الشروع في ذلك من اجل تعزيز العمل السياسي من ناحية وممارسة الضغط السياسيى على الداخل والخارج ضد اي محاولة لاخماد الثورة او اسقاط اهدافها بل وادراكا ان بناء دولة الغد بحاجة الى رافعة سياسية وهي الاحزاب. الاحزاب الحالية مهمة رغم هشاشتها فهي تتمتع برجاحة عقل وتجربة سياسية كبيرة لكن يلزمها تجديد نفسها والاستفادة من هذه الثورة لتصحيح مسارها وضخ قيادتها بدماء جديدة وترسييخ العمل السياسي التناوبي بدل من التوارث والجمود. ولذا فاني ارى ان على الشباب ان لا يتسرعوا ويعملوا على تقسيم الصف السياسية بان يخلقوا تكتل سياسية في هذه اللحظة. فيما هذا لا يمنع من وجود تكتل شبابي موحد يكون له طابع الحفاظ وانفاذ الثورة وممارسة الرقابة على اداء الفترة الانتقالية ويكون على استعداد للتجمهر لاحقا في فترة ما بعد صالح. كما من المهم انضاج هذا التكتل وتوحيده ايقاعو في اطار التعددية والتنوع  حاليا لانضاج اهداف الثورة وغرس مبادائها لدي العامة خصوصا مدنية الدولة القادمة وديمقراطيتها. بمعنى اخر من الضروري خلق تحالف كبير من الليبرالين واليسار وكذلك قوى الاعتدال لدى الاصلاح من اجل تشكيل رافعة شعبية تتعهد باكمال مشروع الثورة عبر النظال السلمي والمدني للفترة القادمة مهما كانت الصيغة السياسية المقترحة للخروج من هذا الوضع الحالي
29 ابريل 2011 

عن الاعتداء على الناشطات في صنعاء

19 ابريل 2011 
يبدو اننا بصدد الانزلاق في هوة جديدة وهي شرعية الثورة التي تتجاوز الفرد واحلامه وتقضي على المجتمع لصالح هذه الشرعية وقد تختطفها جماعة من العسكر ثم تكرر مسلسل الديكتاتوريات وربما بموسم جديد يطول ولا ينتهي من تقنيات حديثة من البطش. ولحادثة الاعتداء على نشاطات حقوقيات وناشطات مدنية محاسن بقدر ما ناسف لما تعرضت له الاخوات واهم هذه المحاسن هي ارساء قواعد ثابته لا يتم اغفالها في لحظة فوران وحماسة ثم نكتشف ان الثورة التي قمنا بها هي مشروع مبطن اخذنا منه القشور ونسينا الحفر والتبئير. علينا ادانة ما حصل والاهم انتزاع اتفاق ضمني او علني بان الحقوق المدنية هي الاساس في هذه الثورة/ المشروع . ان يتم الاعتداء اليوم افضل من غد لان الوقت ملائم لتصحيح الرؤى على ان لا نتراجع عن هذا الاساس من الحقوق  .

ولا يأتي التوازن المنشود في المجتمع إلا اذا كان من خلال عقد اجتماعي جديد قائما على الجيل الاخير من الحقوق حقوق التنمية الانسانية: اي الحقوق المدنية والسياسية بل والبيئية. وعندما نؤمن بان لافوقية لاحد على الاخر سنصل الى هذا العقد. الفترات السابقة من تاريخ اليمن السياسي الاجتماعي افرزت جراحا لم تندمل بعد ولكن ان الاوان لمداواتها على اساس قاعدة التراضي والاعتراف ولا ننسى ان درجات الوعي تختلف في التركيبة الهرمية لاي مؤسسة/ جماعة/ تكوين. ولذا من المهم ان ندرس مادة اساسية لكل افراد الجيش والامن هي الحقوق وان نغرس قيم المواطنة والامر لا يقتصر على هذه المؤسسات بل على الاحزاب ايضاً.   وقد تكون هذه اولى اولويات المرحلة القادمة

على ان اجهاض الثورة لا يتم الا باعادة انتاج الوسائل التقليدية في الحكم وفي تسيير الحياة العامة. بمعنى اخر اعادة انتاج التخلف او تكريس الجمود وتقديم العادات والتقاليد كشرط اساسي للحياة وربطه بانجاح الثورة. وبهذا تفقد الثورة اهم واول قيمها وهي التجديد والتغيير الجذري على ان التقاليد والعادات قادرة على فرض قيمها الايجابية من ذاتها وبالتالي فايجابيات التقاليد لن تتناقض مع الثورة . اتمنى ان تكون المرأة هي الاكثر حرصا على اسماع صوتها من غيرها مالم فالحقوق لا تؤتى وانماتنتزع

الفجر موعدنا

الفجر موعدنا 

باريس 
12 فبراير 2011 
1
موعدنا الفجر
موعدنا الفجر
فجر لا يذهب بعيدا هذه المرة
لا يتخلف عنا
ولن نتخلف عنه
...انه فجر يبشر بربيع حر
نتنفس فيه رائحة الورد والفل لا رائحة البارود
او طعم الخوف المر
طعم الخذلان
لا خذلان هذه المرة سنكون اكثر حكمة وتازر
وسنفوت على الليل التهام ضوء الصباح او احراق التباشير

وفي ما سبق تجربة مهمة
والجميع على قناعة بان الصبر نفد
وان للتجويع نهاية
لان النفس لا تُزهق
بل ستتحول الى عنقاء
...الى مارد
سيرحلون عنا وسيعتقون رقابنا
بل سنرحلهم ونعتق رقابنا
من هذا الجوع وهذا الحرمان وهذه المذلة
ثلاثون عاما مع نفس الصور ونفس الكلمات التي باتت تتسبب لنا بالغثيان
الجريدة الباهتة وحرفها المفقوء
لا مكان لهما بيننا
وصورة الخشبي
ستذوب امام الصرخات
ستذوب كالملح امام العزيمة
جعلوا قيمتنا ما دون الصفر
واصبحنا نتحمل اهانات لسنا مصدر ارتكاب فعلاتها
لا احد يبالي بنا
لاننا عدم
اليوم سنقول كلا لسنا عدم
نحن حق
والحق اقوى وانفذ
الحق ابلغ.
2
منذ ايام وانا اتمنى لو اصرخ من مكتبي او في حجرتي, اتمنى لو اشارك هؤلاء الاحرار بعض من هذه الكرامة. اتمنى لو اني لست هنا . لو اني اقف الى جوارهم في البرد في الليل في النهار وتحت الشمس لاكتب لنفسي تاريخا مشرفا اعتد به. لاسطر يومي الجديد . وافتح صفحة بيضاء نقية كنقاء تلك الارواح الطاهرة التي ازهقتها يد غاشمة.
لا اخفيكم ان من التقيهم هنا من فرنسيين يتوقون ايضا الى هذه النفحة الكريمة من الكرامة واسترداد الذات المسلوبة. انهم فرحون ويقولون انها ثورتهم انه حلمهم يشاركون هذه الاحاسيس النسانية بل انهم يتوعدون بانهم سيستلهمون منها معايرها وقيمها العالمية. انها كرامتهم ايضا. وكم يغبطون الشعوب الحية. كم يغبطون التونسيين والمصريين وغدا غيرهم.
.

وداع مر بطعم النشوة

  وداع مر بطعم النشوة 
باريس 
9 فبراير 2011
لتوي عدت من توديع احد الاصدقاء الاعزاء . سايمون صديق انجليزي من الطراز الاول وعلى غير عادة الانجليزي او ما هو شائع عنهم. على لالاقل كان ناقد لاذع لا يعجبه العجب ولا يتواني عن قول الصدق في اوجه الاخرين يجرح من حيث لا يدري
وكان على سجية الفرنسين وربما ورث هذا عن امه الفرنيسة. هذا المساء سيغادر الى نيويورك حيث ينتظره عمل في بعثة بلاده في... الامم المتحدة. كنت محظوظا اذا تعرفت عليه في هذه الدورة وربما هو اثمن الكنوز التي ساخرج بها من هذه الدورة. تقابلنا للغداء في لقاء اخير قبل سفره بساعات بعد ان عاد من رحلته القصيرة من المغرب والتي كان يفترض بنا ان نلتقي للذهاب الى المسرح لكني فوت تلك الفرصة, حكى بشكل عاجل عن رحلته الجميلة وعن تقصيره لشعر رأسه هناك وافضى الى بسر جميل عن الرحلة. بعض بطاط مقلي وسلطة وقطعة لحم مشوية مع مشروب إلهي على نحو عاجل كانت وجبتنا. تفضل ودفع عني بمناسبة هذه الرحلة. نسير هرولة الى اقرب ميترو انفاق
نلج فتحة الميترو احاديث عاجلة. نتصافح للوداع الاخير كل منا يأخذ وجهة مختلفة, نتقابل في حافتي انتظار الميترو كل في جهته . ياتي قطاره يصعد, ينغلق الباب , محطة سان بول على ميترو 1 وسط باريس, واحد من احدث ميتروهات العاصمة الفرنسية واسرعها, ينطلق القطار سريعا. وددت لو اركض مع القطار لالحق به. نظرة اخيرا تلويحة اخيرة وربما لقاء اخير, لا ادري هل التقيك مجدا يا سايمون. سافتقدك كثيرا وسابكيك طويلا وقد لا التقيك مجددا. انها السجون وربما القصور هي من يحدد اول المواعيد بالنسبة لي يا صديقي

دمعة مسفوحة

دمعة مسفوحة
 باريس 27 يناير 2011
ادخل مقصورة المترو، ارتكن في احدى الزوايا واقفا نظرا للازدحام، تقف الى جواري شابة يانعة. وجه منتفخ محمر وانف طافح. تلف حول رقبتها رداء صوفي. يصدر منها صوت فحيح. ألتفت يمينة نحوها. اجدها اقرب الى أن تجهش بالبكاء. نصف وجها فقط يبدو لي. تنفتح عينها ملتصقة بالارض بلا حراك. تتشكل دمعة. يرف الجفن. تنشطر الدمعة الى نصفين تتكور اكثر .النصف الاعلى يكبر النصف الاسفل .تتكور الدمعة وتكبر. تلتقي بنصفها الاسفل. تسقط الدمعة الى سطح المقصورة. وانا انطر اليها بفضول. تتشكل جملة في حلقي يكبر السؤال. يقف الميترو في المحطة احدهم يفتح الباب تغادر الفتاة ولم اطرح عليها السؤال.لكن الدمعة التي ساحت اساحت معها دم القلب.

هل هي الفتاة الوحيدة التي تبكي في باريس ؟ وهل هي الفتاة الوحيدة التي بكت حينها في باريس؟ لا اظن طبعا. كم من المرات يشاهد العابر من يبكي ومن مختلف الاعمار والاجناس. لكن بكاءها كان مختلفا. مختلفا جدا حتى انه استوقفني كثيرا. كنت اريد فقط ان اواسيها . ان اقتل الفضول واكسر قيد الصمت صمتي انا. وصمت كل من كانوا حولي , ان استعيد ذاتي الشرقية التي لا تمر على الألم. ان افعل كما ربتني امي عندما تجد من يشكو او يتألم. لكني لم استطع.

غلبتني هذ المدينة في فردانيتها. وغلبني حياد الناس القاتل. لا احد يرد عليك السلام. ومن كان رقيق الطباع مستأنس يبتسم ويخنق ابتسامته في ربيعها. تنتحر الابسامة على شفاه الناس. يدخلون المقصورات زرافات ينحشرون كاسماك السردين. يغادرون امكانهم مهرعين كرحلة اسماك السلمون ولا احد ينتمي لاحد. يفتحون كتبتهم نفاقا احيانا واحيانا كثيرة ليعزلوا انفسهم عن الاخرين.

اريس والكوانين 1



باريس والكوانين 1
23 يناير 2011

تتدفق المشاهد في هذه المدينة بسرعة اكبر من اللازم. يستعصي علي التركيز على التفاصيل. كل التفاصيل ؛ المعمارية او الادمية او تفاصيل ديناميكية الحياة. ما اجمل ان تكون في قلب باريس. وان تحيط بك مجموعة من اسماء العلم. الاماكن هنا هي تاريخ التاريخ. لا ابالغ ان اقول ان الفرنسيين لهم مزاج خاص في خلق التاريخ؛ واقصد تاريخهم بالاخص. وهو تاريخ لا ينفصل بذاته لأنه بالتأكيد على اتصال بتواريخ اخرى.
تور ايفيل، بلاس دي كونكورد، ليزالانفاليد، كي دورسيه، غران باليه، لاسامبليه ناسيونال، تريكوديرو، لاديفانس، تشانزليزيه، ارك دي لا تريومف، مونمارتر، بلاس دي لاروببليك، باستيل، افينيو سان جرمان، لاسوربون، جاردان دي ليكسمبور. ليُ سينا. واسماء لا قوة لي بعدها. في باريس الميترو يعلمك التاريخ والسياسة ويعلمك الجمال والفن. ويعلمك اكثر ذائقة جمالية. يحاورك، يدفعك الى حوار الاجيال والجنسيات. في باريس انت ملزم بان تكون على حس كوزمبوليتيني. كل الالوان. كل الاهواء. كل الاعمار. وكل المتوقع واللامتوقع موجود وحاضر وحي. مراهقون بشعر اشقر يتغنجون بحبيبات بعمر الزهور. وبالغين تتلاحق قبلاتهم وكانها مسابقة للقبلات. امرأة صارمة تتصفح الملحق الادبي لجريدة مهيبة. رجل انيق يتصفح كتابه. شاب من اصول افريقية يدندن بموسيقا صاخبة ويهز رأسه. فتاة قمحية تلعب على هافتها. عربي يقرأ قرآنه على الكرسي، سيدة سينغالية تسبّح وتتمتم ابتهالا. شرق اسيوية تبتسم وتخنق ابتسامتها. وما اجمل السيدات كبيرات السن. واجمل منهن الشيوخ. احذية من ماركات فاخرة وبالوان حصيفة, بنطال صوفي. جاكيت مهيب ونظارات باسمة تطل من خلفها عيون متسامحة هادئة. وطاجية غنجاء.
في المطعم يجلس بالجوار رجل وامرأة يبدو انهما ما بعد الستين. تفوح منهما روائح زكية تاخذ قاعة المطعم الى ابعد مشاهد المسارح. يمرحان، يتعاتبان. يتبادلان اغنج الكلمات ويدلل كل منهما الاخر يعرض له كل خيارات الطعام يفضله على نفسه في استباق تناول اللقمة. في الشارع تقف سيدة تراود كلبها بان يعود الى البيت لكنه يحرن عليها ولايرد.  

الأربعاء، 26 يناير 2011

جلال الموت والضحك

جلال الموت والضحك
 24 نوفمبر 2010
المناديل الصغيرة les petits mouchoirs
هكذا كان عنوان الفيلم الذي شاهدته هذا المساء. انتهيت من يومي الدراسي الثقيل وعدت بعد مغيب الشمس لالقي بتلك النفسية على طاولة الغرفة واستل منها نفسية جديدة مستعدة للذهاب الى السينما. برفقة عشرة من الزملاء والزميلات كان برنامجنا لهذا المساء توزعنا ثلاثة ثلاثة في الطريق وتقاسمنا لعناتنا على الدرس الذي مضى. ثم وقفنا في طابور التذاكر كل منا ينظر للآخر كأطفال أمام بائع الحلوى يتبادلون التهاني بصمت و"يحانكون" بعضهم بعضا بأن كل واحد منهم سيحصل على حلوى ألذ من حلوى الاخر. اكثر من ذلك كنا نهيئ انفسنا لمشاهدة الشاشة الكبيرة.

ظهر الفيلم في شهر اكتوبر من هذا العام وفيه اسماء معروفة في السنماء الفرنسية منها ماريون كوتيلار، فرانسوا كلوزيه، ليلوش، فرانسوا داجيميل . وهو من كتابة واخراج غييوم كانيه. الفلم اصدار فرنسي حديث وهو من العائلة الفرنسية السينمائية بامتياز يحمل اسمها عن اصالة. اجتماعي نفسي في المقام الاول يتعرض لقضايا عامة وحرجة في آن. يبدأ الفيلم بحادث مروري يتعرض فيه احدهم لحادث سير وهو على دراجته النارية يجتمع الاصدقاء لزيارته في غرفة العناية المركزة تقترب منه حبيبته وتضحك بهستيرية امام وجهه المشوه، و تنزلق نظرةمن بين جفني الجريح خلسة. ثم يخرجون خارج المستشفى يتشاورون: هل نذهب لنقضى اجازة السنة؟
في البداية تمنعهم عاطفتهم لكنهم يظهرون حسا عمليا أكبر. " هو الآن في العناية المركزة لمدة شهر ولا نستطيع الحديث اليه، لنذهب في اجازتنا السنوية كالمعتاد واذا حدث شيء ما سنكون هنا بعد ساعة".

في عيادة طبيب العظام يتشاور الطبيب الشاب وصديق له عن الامر. ثم ياتي مشهد في المطعم. يطلب الطبيب الشاب زبونه وصديقه الى تناول الطعام ليخبره بانه سقط في غرامه رغم صداقتهما التي لها اكثر من 15 سنة ورغم الوضع الاسري للطبيب فهو متزوج ولديه اطفال. من هنا تبدا حبكة الفيلم في تعقيد العلاقات القائمة بين الاصدقاء والمقاربة الحميمية التي قد تتولد. اثر صدمة هذه المفاجأة يحدث شجار بين الطبيب وصديقه الذي يكبره في السن بعدها يعتذر الطبيب الشاب ثم يطلب من الرجل ان يوافق على ان يرافقه هو واسرته في اجازتهم السنوية في شاطي جميل في الجنوب الغربي الفرنسي.
 يحضر الاصدقاء وعائلاتهم، يستمتعون، ويمرحون كالاطفال . تظهر مكائد كبيرة لئيمة بينهم . ضحك وسخط،
غضب وتسامح. تمازج احاسيس وتحفظ. يبدو صاحب المنزل اثراهم واكثرهم شقاء واكثرهم خضوعا لاوامر زوجته التي تستمتع بمشاهدة افلام اباحية كرتونية نظرا لبرودة زوجها.

رغم المرح والشباب يظهر على الجميع مأزق عاطفي ليبيدو. يكذب اثنان منهما ويتعذرا بالذهاب الى مدينة بورودو لكنهما يذهبان إلى باريس كل على حدة لملاقاة نفس الحبيبة التي يستقر بها الحال للذهاب مع احدهم وهو الأكثر سذاجة فيما الرجل الزير لا يجد  فرصة معها رغم استجدائة لها وهو في حالة ثمالة. يقرر زيارة المريض في المستشفى ثم يعود الى الشاطىء بمفرده يلحقه صديقه وقد اصطحب معه حبيبته القديمة الجديدة الوفية المتأرجحة. في الجنوب يجتمعان برجل كبير الحجم والسن هو اكثرهم كارزمية وعبثية واطيبهم قلبا. يقرران ان يعرضا على الزائرة الجديدة مقاطع من اجازات سابقة كان يشاركهم فيها مريضهم قعيد الفراش في المستشفى حتى يصلوا الى لحظة تنبثق فيها لفظة مُخَّنث امام الاطفال . احد الاطفال يسال عن الكلمة فيوصى بأن يسال اباه ( الطبيب ) ليقدم له توضيحا كنوع من الفضح. يتأزم الموقف  يتبعه تفسير للطفل اشبه برسالة في الفيلم إزاء التسامح مع المثليين. ثم شجار و انسحاب الطبيب و عائلته من المصيف. في الايام اللاحقة يتصل الطبيب بالرجل ذي القلب الكبير يخبره بموت المريض.
تأتي عليهم لحظة حساب ومراجعة لمفهوم الصداقة بعيد عن المال والمظاهر الزائفة. يبدو الجميع في لحظة تكون دموع الرجال غالية وصادقة. يعودون الى باريس كما هو متوقع. في مراسم الدفن يبكي الجميع كالاطفال فيما الرجل ذو القلب الكبير يقطع المسافة بسيارته ويحمل معه كيس رمل يصل في اللحظة الاخيرة يواري جثمان المتوفى برمل الشاطي حيث كانوا جميعاً يقضون الاجازة السنوية فيه. تمتزج اللحظات بالبكاء والفرح. في مراسم التشييع داخل الكنيسة تعترف حبيبة المتوفى بانها تحمل له في بطنها ولدا. وبينما يتتابع المعزون بالبكاء وكلمات التأبين ، الى جوار الجثة في الصندوق الخشبي الانيق، يجلس قس بملابس زاهية ووجه بارد كالخشب الميت. لحظتها يتصالح الشاب الطبيب والرجل صديقه القديم الذي فضحه.

انا لم اتمالك نفسي فلقد اسلمتها للبكاء لاني وجدت ان من واجبي كمشاهد وكإنسان طبيعي الملكات ان ابكي. غلت علي دموع الرجال والمواقف المماثلة للحقيقة وتماهي المشاعر والغربة في الحضور والموت في الحياة والحياة الزوجية الديكورية وصداقة الغفلة. بكيت من اعماقي، ولو كنت احمل لحية لابتلت، ولكن مبالغة، ابتل الشال الذي الفه حول عنقي. اجد ان الفلم من الناحية الفنية كان جميلا. فلا تُمل مشاهدته رغم انه لمدة ثلاث ساعات تقريبا لكني لم احبذ ظهور موضوع المثلية على نحو غير مبرر وخاصة من رجل في وضع اجتماعي معقد.

تتقاطع في الفيلم مشاهد في منتهى الكوميدية لكنها ايضا لا تتجاوز جدية بعض المواقف التي يتهمر فيها الدموع كصك اعتراف ناهيك هن مشاهد محدود لكنها تعكس حنق الفرنسين على من يخطيء في استعمال لغتهم حتى وان كان طفلاً؟

للموت والضحك جلال مماثل اذا تزاوجا كتعبير لقهر الانسان لهذه الاوقات الصعبة.

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...