الأحد، 11 فبراير 2018

عن جدائل صعدة

العزيز مروان 
انتهيت من قراءة الرواية. أقصد روايتك أنت " جدائل صعدة". قرأت الجزء الأكبر ظهر الجمعة. قبل وأثناء الخطبة ثم انصرفت لأداء الصلاة. يمكنني أن اقول إنني في منتصف العمر ولمرة واحدة أديت صلاة الجمعة كما يجب لأني اخترت الخطبة المناسبة.
"جدائل صعدة" عمل بديع استحق كل ذاك الاحتفاء واكثر. سبق وقرأت لك من عملين روائيين سابقين. لكنك في الرواية الأخيرة أثبت قدرة كبيرة على التجاوز بما في ذلك تجاوز نفسك الكاتبة. انها مانفيستو حقيقي لإدانة الحرب، للحديث عن المرأة، عن الأرض وعن السلام. وهي أيضا قصيدة شعرية بسلاسة الريح ونفاذ الماء.
الرواية وثيقة أنثروبولوجية اجتماعية وثقافية هامة تمكنت فيها من الإفلات من كماشة الآني والظرف الراهن والانحيازات الضيقة.
ولا أخفيك أني كنت أتوق الى قراءة الرواية بعد ان وضعت رهانا مع نفسي مفاده ان مروان سيكتب سياسة وليس أدبا او على الأقل ستترجح لديه انحيازات ظرفية. والصدق أنك نجحت في إفشال رهاني. او لنقل اثبت انك مروان الأكبر من التحيزات والمتجاوز للراهن والاني.
أدب الرسائل من اعقد الأجناس السردية لأن الكاتب امام امتحان ابقاء القاري على نفس مستوى الاهتمام من البداية إلى النهاية كما أن الإمساك بالخيط السردي الموّلد للشغف أمر ليس بالهين. لكنك نجحت نجاحا باهرا. لقد ألهبت خيالي إثر قراءة السطور حتى أنى وددت لو ان الرواية لم تنته.
سأصدقك القول إني مع قراءتي للرواية انحزت كثيرا للتصوف وللحب والى الحق المطلق في الحياة.
هذه فرصة لتشكيل الوعي والنفاذ به من أطر التنشئة الاجتماعية العدمية.

حضورك كسارد ومتلق وشخصية في العمل هو معادلة بارعة.
استعمالك للصوت الأنثوي الذي يتحدث عن الحرب ومناخاتها واستقبال أخبارها وتبعاتها كان فذا. وهو الصوت المفقود. لقد أنجزنا تصورا مغلوطا مفاده ان الحرب ليست الا للرجال وعلى هذا الأساس وضعت المرأة في موقع هامشي رغم انها المتضرر الاول من الحرب في النصر او الهزيمة.
لقد وجدت الرواية - حيث الحرب فيها شيء محوري - حربا ايضا. اذ يكتمل مناخ الحرب حين يتنقل القاري بين السطور ويضع إصبعه على جملة هي أشبه بلغم وما ان يمر البصر حتى تتفجر الأفكار والبديهيات في الذهن دفعة واحدة وبصاعق واحد هو الإبلاغ والتأمل.
سيكثر القول في الرواية من متخصصين وغيرهم وانا هنا أدلو بما استطيع كقاري بسيط.
سأعمل على ان تٌقرا الرواية اكثر بين أهلي لأنها تنطوي على حمولة أخلاقية في السلوكيات الفضيلة لا يمكن ان نتعلمها بسهولة. كما انها تقدم درسا تربويا في التعامل مع قضايا الشرف وأمراض المرأة. انها تضعنا امام مفاضلة الموت بكل أشكاله وتنويعاته او الحياة مع اجتياز صراط العيب والعار وادعاءات الشرف الزائفة.
باختصار وجدتني أعيش في الرواية لا اقرأها فقط. أهنئ نفسي بصداقتك وأهنئ الوطن بإنجازك السردي المتفرد. 

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...