الخميس، 8 فبراير 2018

شيخان وضحكة

في ظهيرة الأحد، بينما حركة الشارع هادئة الا من عدد قليل من المشاة الذين كانوا يهرولًون كعصافير الغروب ليلتحقوا بأهاليهم احتفالا بعيد الفصح.
دلف شيخان من باب المقهى. شرعا في إلقاء التحية والحديث لسبب او لانعدام السبب.
كان الاول طويلا وقد انتفخت بطنه وتكورت، صوته جهوري. اما الاخر فكان قصيرا بصوت حاد كالبومة يرتدي نظارات بعدسات سميكة ويبتسم بثلاث سنون في الفك الأسفل واثنتين في الفك الأعلى. متجاوران، وضعا مرفقيهما على حافة مربع المقصف وانهمكا في الثرثرة والضحك على نكات بالية.
كانت النادلة تقف مقابلهما مشدودة الرقبة كالنعامة، اشتاطت غضبا مفتعلا اذ لم تحتمل نكات العجوزين وعاملتهما كصبيين في اول البلوغ قائلة:
- أنتما! لا تقفا جنبا الى جنب. كل واحد يذهب الى زاوية فلا طاقة لي بسماع هذه النكات. من العدالة اننا اليوم نتقاضى أجرا مضاعفا، على الأقل لاحتمالكما.
انفجرا ضحكا كتلميذين مشاغبين. وقال قصيرهما:
هذا يعني ان شرابنا مجانا لانك ستدفعينه انت.
- أسرعا ! لا وقت لدي. ماذا تريدان؟ ثم الا يوجد لديكما عائلات لتتناولا معهم غداء الفصح.
اجابا معا: نحن مشردان. ثم ضحكا مقهقين وسعلا.
قال قصيرهم : كالعادة. ريكارد.
ذهبت النادلة الى قنينة الريكارد وصبت منها واغدقت. فانتفض القصير شاجبا: ويحك! هل تريدين القضاء علي؟ لكن الحقيقة، ان يموت الواحد منا بجرعة كحول خير من الموت بجرعة ماء. ههههههه. ههههعععهه هاهععع.
- فليكن. ولكن مت بعيدا عن المقصف. علقت النادلة وانصرفت الى عمل اخر.
واصل الرجلان الحديث والنكات.
- إيه، انت! ألا تريد ان تكون أبا(
pape ) تؤم الناس في القداس.
- كلا. انها مهنة مرهقة. خصوصا اذا كان مشروبي قبل القداس نبيذا ابيض.
- انا لم اخدم في الكنيسة الا مرة واحدة عندما كنت شابا. كنت في القرية. بعدها طردني القس. كان في القرية بعوض في الصيف.
- هل تدري ما الفارق بين المرأة والبعوضة؟ البعوضة تؤدي نفس المهمة دون مداعبة منك. ههههههه. هاع هاع. ععععهاح.

كنت استمع إليهما من زاوية بعيدة. ابتسر ضحكاتي كي لا يشركاني في الحديث ولأثبت اني متابع جيد.
ارتفعت ضحكاتهما فجأة وإذا بالعجوز الطويل المنحني قليلا ينزل الارض ليلتقط بنطاله الذي سقط من خصره المدور كستارة ثقيلة.

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...