الأحد، 8 أبريل 2018

في الثمانين

كنت قد صعدت الى مقصورة الترام واي، وبعدها بمحطة صعد عجوزان؛ رجل وامرأة. 
كانا كبار سن. أعمارهما لا تقل عن ٧٥ سنة. 
جلسا متقابلين. الرجل بشعر ابيض منحني الظهر قليلا حليق الذقن. ملابسه مكوية وحذاؤه لامع. والمرأة بشعر مصبوغ ذهبي قصير. 
وكانت السيدة أنيقة تلبس جبة طويلة بلون زهري غامق وتحتها كنزة صوفية بنفسجية داكنة مطابقة للون شال الرقبة الصوفي والجوارب والحقيبة. على السيدة وجه وضاء وأسنان مستحدثة محكمة الرص وعليها غبب طري لدن في رقبتها. 
كل منهما ينظر الى الاخر ويبتسم بابتسامة تشع نورا يكفي ليضيء مدينة. يتكلما النزر القليل ونظراتهما إعجاب وافتتان. تشيح العجوز بوجهها وتنظر في الزجاج ثم تعود الى النظر الي الرجل وتنفجر ضاحكة.
ما يزالا في بداية تعارفهما ويبدو أنه اللقاء الاول. اذ بعد مكالمة هاتفية اجرتها العجوز اكتشف الرجل انها تتحدث لغة كورسيكا وهنا تعسر على من حولهما متابعة المحادثة. لان الرجل العجوز يتحدث الكورسيكية ايضا. كانا قد تحدثا عن عادات كل منهما ونشاطاته اليومية. عن تفضيلاته وكيف يقضي الإجازة الأسبوعية وماذا اذا كان يحب المشي. 
استعدت العجوز للنزول وكان كل منهما يتمنى للآخر وقتا ممتعا ويعبر عن امتنانه للآخر على الوقت الذي قضاه سويا. وقبل ان تنهض السيدة لمس الرجل ذراعها وودعها وعينه مسافرة معها.

كانت السيدة ضعيفة السمع تتحدث بصوت عالٍ وتطلب اعادة ما قيل لها. وكان الرجل قريب منها يتحدث بصوت ضخم خفيت وهو منفوش كديك متمرس. غادرت السيدة الترام واي وعيني الرجل تودعها أمل لقاء قريب. انه الحب في الثمانين.


الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...