الثلاثاء، 30 أبريل 2013

هموم دبلوماسية



نريد بدل مخاطر عن العنصرية

*هذا النص يحتوى على مشاهد عنف غير منصوح لمن هم دون الثانية عشرة.

قبل اسبوع ذكرت صحيفة اللوموند : الأعمال المعادية للمسلمين في تزايد للسنة الثالثة على التوالي".

تشهد أوروبا أزمة عميقة تتجلى مظاهرها المالية تباعا لكن مظاهر اجتماعية وثقافية أعمق لا يتطرق لها الإعلام اليومي رغم خطورتها: كراهية الاجانب، الخوف من الاسلام او الاسلاموفوبيا، سوء معاملة الاجانب، ترحيل قسري للمقيمين غير الشرعيين، تشديد قوانين الهجرة ومنح التأشيرات، عنف وجنح في الضواحي، عنف في المدارس وبين الشباب، صخب وعنف بين مشجعي الرياضة يصل إلى القتل.

تهيمن الشعوبية الديماغوجية على الخطاب العام في الغرب وفي أوروبا تحديدا حيث يتنامى اليمين المتطرف في كل اوروبا ويغذي نزعة معادية للأجانب بصفة عامة والعرب والمسلمين بصفة خاصة.

هل تتذكرون قضية منع الحجاب في حضانة الاطفال في فرنسا التي وصلت الى القضاء؟

نحن امام (دوامة جهنمية) بحسب الكاتب اليساري الفرنسي آلان جريش. حيث يورد في مقال له :ان ٨٤ في المئة من الفرنسيين يعارضون ارتداء الحجاب في أماكن العمل الخاصة التي تستقبل الناس (في المحلات التجارية والمخازن الكبرى وعيادات الأطباء والحضانات والمدارس الخاصة).

اين نذهب اذن؟

المعطيات أعلاه تشير الى أننا كدبلوماسيين –رغم تمتعنا بحصانات قانونية بموجب معاهدات دولية – نعمل في بيئة غير محفزة ومحفوفة بالمخاطر.

لا يمكنك تفادي نظرات الازدراء اليومية في الاماكن العامة. او حنق الموظف الحكومي وتجهمه لأن لون بشرتك وسواد شعرك لم يعجبه فيقول لك معلومة كاذبة او لا يتم لك معاملة إلا وقد ضاعف من تعقيداتها حتى تكره نفسك.

الكراهية تحيط بك في كل مكان، وبين كل عشرين متر ستجد من يطلبك هويتك ليتفحص شرعية اقامتك. طبعا لن تطبع على جبهتك انك دبلوماسي. سحنتك العربية لا تفرق بالنسبة لهم فأنت سلفا شبه مجرم أو قابل لان تكون إرهابي بالفطرة.

لست مبالغا في ما اقول. قبل عامين كنت في فرنسا، ذقت الأمرين في مدينة يصوِّت معظم ساكنيها لحزب لوبين اليميني المتطرف. لم اتمكن من فتح حساب بنكي إلا بعد اسبوعين رغم استيفائي لكافة الوثائق المطلوبة ولم احصل على بطاقة بنكية الا بعد شهرين بينما زملائي الاوروبيون والاسيويون حصلوا على البطاقة البنكية بعد اسبوع واحد. في دائرة السكن رفضت معاملتي مرتين بحجة انها غير مكتلمة. زارتني زوجتي هناك وبائع التذاكر في الميترو باع لها تذكرة الطفل بسعر تذكرة البالغ اي بفارق 50 يورو لمجرد أنها ترتدي حجاب. غرفتي في السكن كانت تخضع لتفتيش دوري في غيابي لتحسبات أمنية. بل لم اكن احظى في غرفتي تلك بالعناية الكافية من نظافة وتبديل ملايات إلا بعد الالحاح والشكوى والتذمر. عامل الاصلاح لم يصلح الاضاءة في الغرفة إلا بعد ان تقدمت بشكوى مكتوبة لادارة النزل وسبقتها بثلاث طلبات. جاري الروسي اشتكى من سجاد الغرفة فاستبدلوا له الارضية بواحدة جديد في غضون يوم. وزاد تذمره فنقولوه الى نزل افضل.

تخيل وانت دبلوماسي براتب محدود في بلد أوروبي كفرنسا على سبيل المثال. تضطر أن تبحث عن سكن في حي شعبي رخيص. تتعرض لإهانات متكررة يوميا. لا احد يوافق على تأجيرك بيته إلا بسعر مرتفع. اطفالك لا يقبلون بسهولة في المدارس العامة فتضطر الى مدارس خاصة باهظة الثمن. لا احد يرشدك الى الامتيازات في الاسعار او يعرض عليك فرص جديدة استهلاكية. بيتك يتعرض للسرقات المتعددة. لا تجرؤ على التأخر ليلا او الخروج في الجوار. جيرانك يتقدمون بشكوى لانك تزعجهم باطفالك وعاداتك الليلية في رمضان. يتذمرون من روائح الطبخ. وتجد نفسك واطفالك مستبعدين اجتماعيا: لا اصدقاء للاطفال ولا جيران. لا تستفيد من وجودك في فرنسا فلا يتعلم اطفالك اللغة ولا يستطيعون التعايش مع الناس، تذهب بهم الى حديقة الحي فينفر منهم الاطفال بإيعاز من آبائهم. تجد نفسك تعامل وكأنك أجرب.

هذه المعاملة العنصرية صارت أمراً حتمياً لكن الظروف المادية للمعين لا تسمح له بتفاديها او التخفيف من حدتها. هذا الشرط الاجتماعي المادي يخلق مخاطر اسميها "مخاطر عنصرية". ربما تحسين الشرط المادي للمبتعث قد يخفف من هذه المخاطر كأن يتمكن من السكن في حي اقل خطورة عنصرية وان يتاح له تدريس اطفاله في مدارس خاصة لا ترهقه التكاليف. الحقيقة المادية في المظهر والملبس والسكن يمكن ان تحول دون التعرض للمهانات.

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...