الاثنين، 16 يناير 2012

شطط المواقف.. فقدان للمناعة الاجتماعية

شطط المواقف.. فقدان للمناعة الاجتماعية
المجتمعات التي عجزت عن بناء دولة تقوم على المؤسسات أنتجت كياناً مشوهاً بين الدولة واللادولة وعندما تتغرض لهزة كبيرة، فإن الكيان المشوه ينتهي تماما ويتركا فراغا كبيرا في التنظيم الاجتماعي وحالة تيه يجد المجتمع نفسه في مواجهة اعصار الاشيء ومقذفا إلى الوراء، إلى مربع الهيولية (الهيئة الأولى) فيتمسك المجتمع عندها بتلابيب الماضي الخرافي وتحكمه عصبية الانتماء الأولي. على العكس من ذلك نجد المجتمع الألماني لم يقع في هوة العصبية واستعاد المؤسسات واستمر في مسيرة الحضارة. أما نحن، فبعد سنوات منذ انطلاقة العملية الديمقراطية والتي لم تتمكن من التقدم، لكنها تراجعت وفقا للمثل الفرنسي الذي يقال على الحمار (من لا يتقدم بتراجع)، فإننا نجد أنفسنا في مرحلة أطلق عليها الكاتب المبدع محمد العلائي مرحلة اليمن الخام. براي ان المسألة اكثر كارثية من ذلك يا محمد، لأننا لسنا في الخام فقط، بل في حالة من العصبويات والهويات الصغرى المصحوبة بهشاشة لا تعالج Vulnerability  وقد فقدنا المناعة المكتسبة وصرنا بلا مكافحات وتحت طغيان فيروسات التدخل الخارجي والاسترزاق وقابلية فقدان البوصلة لأننا نتراجع إلى مرحلة القاصرين عن إدارة شؤونهم بحكمة. لذا لا بد من الحفاظ على شبه الدولة هذه والإصرار على الانتقال بها إلى الدولة بمشاركة الجميع مع تفعيل تسوية تاريخية ترتكز على المصالحة والشراكة النزيهة. كانت حالة دولة الجنوب مجسدة لما أقول فقد تلاشت الدولة بكل أساطيرها وقضت على المكتسب من الخبرة والتراكم التنظيمي. واليوم وبعد سنوات من السير في طريق لا يقود إلى تقدم، نهضت قوى تشعر بالتيه والغبن لكنها لم تحدد بعد المسار المطلوب واستنجدت بالماضي بشخوصه وأدواته. أنا مع حق الأفراد والجماعات في تقرير مصيرهم. لكن المصير هو في الأصل رأسمال أساسي من الماضي والاسترشاد بمعادلات الممكن والمتاح. ولا أرى الحديث عن دولة الجنوب سوى استثمار بلا رأسمال في بيئة غير محفزة عليه. بينما الواقع يتيح إمكانات أخرى غير أدوات الماضي قد تقود إلى نفس النتائج وربما أفضل. وهذا يعرضني للتساؤل: كيف يمكن تفسير الشطط الحالي للمواقف شبه السياسية لبعض الجماعات؟
خارج إطار الدولة لا يمكن ممارسة السياسية واي جماعة قادمة من هذا الخارج تترنح مواقفها بين اللاسياسي والاجتماعي العصبوي (برباط عصبية الجغرافيا أو التاريخ أو الطائفة أو...) والحالة التي تشهدها اليمن هي أشبه بكعكعة لم تدخل بعد الفرن. فكيف نسارع على تقاسم العجينة لنأكلها؟
أن النزق وافتعال مثالية الموقف لا يسمح بالخروج بحلول. فقط افتكاك غير مسؤول وتعزيز للإقصاء والإقصاء المتبادل. ولدي في ذاكرتي مثال (بلدي) بامتياز لهذه الحالة ومثالبها وهو مشهد الأغنام التي تنتظر غصن من (السدر) يقتطعه لها الراعي. قد يفاجأها سقوط الغصن المثقل بحمولة الانتظار ويغطيها ويؤلمها وقد تتنازع مجموعة أغنام فتشده كل واحدة نحوها بقوة الصوت لا صوت الحق. وهذه الحالة أكثر تكرارا. وفيها تسقط بعض الماعز الضعيفة ضحية لمهاترات الأقوياء فتنغمس في الشوك؛ ينالها الألم ولا تنال ما تأكل.
16 يناير 2012  

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...