الثلاثاء، 24 يناير 2012

أسطورة "الستارة"

أسطورة "الستارة"

قصة قصيرة
ديسمبر 2011

وحشي هو كانون الأول هذا العام. على سرير السهر أتشبث بلحاف سميك. تستبد بي الأفكار هذا المساء، تجرجرني وراءها نحو جرف بلا نهاية، وجبال بلا صدى. ازحف بالذاكرة إلى أعوام خلت. ربما عشر، ربما خمسة عشر من السنين. ترنوا بعض صور من عمر المفاجآت.
لا أدري لماذا يحضرني الآن مظهر تلك الفتاة ذات 19 ربيعاً تقريباً. كل شيء فيها يستدعي أسطورة الستارة (غطاء) بألوانها المتداخلة ونقوشها الفوضوية. أكثر ما يشد أحاسيسي الآن هو رائحة الستارة /أو رائحة الفتاة.

أسطورة الستارة ماثلة أمامي: تقول أن الستارة ما أن تنتفض من ترتديها تنسدل منها "دحرة"؛ هالة من الضوء اللزج برائحة الحُلبة. تطير الهالة كريش الحمام بعضا من الوقت وما أن تلامس كبار السن من الرجال تمنحهم بعض ملامح الفتوة؛ في وجوههم ومفاصلهم على الأقل.

أتذكر تلك الفتاة التي قدِمت من احد الجبال المجاورة لصنعاء. لكنها تطبعت كثيرا بطبائع صنعاء.
ترتدي ستارة تغطي ظهرها وتنفتح على بعض من واجهتها. على الرأس تتكئ الستارة من غير دبابيس تثبيت. تنزلق على الرأس نحو الخلف مع كل خطوة تنفذها الفتاة فتعيدها حتى مقدمة الرأس. انها تدليك لفروة رغبة الدهم. لا تنفك الفتاة تقبض على طرفي الستارة بكلتا يديها فلا تعمل شيئا آخرا غير ذلك. بلثام شفاف تحكي الفتاة مواسم المغامرة التي تضج في أعماقها. ما تزال تخرج إلى البقال لشراء "شيبس". ترتدي حذاء عمتها القصيرة المكتنزة ذي الكعب الرفيع. تسير الهوينى أحيانا و(تتأرنب) أحايين أخرى. بالكعب تنقش على أحجار أزقة معتقة في المدينة القديمة نص الرغبة القادم مع قوافل سبأ. بعض خصلات من الشعر الأشهب تطل من الرقبة تختلس الحضور من اللثام وتغمز بفضول أنثى تستعجل قدرها اللذيذ.
تحت الستارة تتململ اشتهاءات بعفوية طفلة وجرأة غانية. يديها المرمريتين سحر بخطوط العروق الخضراء لخرائط الحمى وغيبوبة الآه.
صار أمر التحكم بالستارة اعقد طالما وهي تحمل في يدها اليمنى كيس البطاطا. يتأخر عنها أخوها الأشقر، تتوه عيناه العسليتين بين أكياس بلاستيكية تائهة تتحرش بالجدران.
ترمقني، لا أتحرك، أنا تمثال من البرونز المصبوب ساعة دهشة.
 - هيا ! أسرع! بصوت حاد.
لا يأبه الصغير لأمرها. الفتاتير تغريه أكثر.
وأنا ابحث عن فتاتير العيون اللوزية. استمع لنداء جامح.
يتحرك داخلي حصان. يرفس أضلعي خوفاً و....     
- سليم، أخطى يا حمار! تكرر الأمر بنزق المخذولة.
شهقة هائجة تقول لها:
- إنه حصان يا فتاتي.
في غرفتي، بعد هذه السنين يزفر حصاني في ساعة برد.




الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...