الخميس، 17 أكتوبر 2019

"عطان" لا يعني لأمي الكثير


بعد خمسة ايام تمكنت من الحديث إلى أمي عبر الهاتف في قريتها البعيدة. 
صوت أمي وجل وهي تخبرني عن نمط حياتها الجديد. عادت في هذا العمر إلى جلب الماء من البئر. تتحدث أمي بقلق شديد لأن مخزونها من الحبوب يوشك على النفاد قريباً بينما لا تتوفر كميات جديدة من القمح في السوق. غياب الكهرباء لا يفرق عندها كثيراً فهي في بيت بلا ثلاجة ولا رافعة مياه ولا غسالة ملابس ولا عصارة. بيت بتلفاز ينقل لها اخبار العالم المفزعة لا أكثر.  يزداد قلقها لأنها لم ترَ أبنها الغائب في صنعاء منذ أعوام ومنذ أكثر من أسبوع لم يتصل ولا تعلم إن كان ما يزال على قيد الحياة أم لا.  أمي ليست خبيرة جيوسياسية لتكره التحالف أو تناهض إيران وليست عضوة في مكتب سياسي لحزب ما.  لكنها تعرف جيداً أن الحوثيين اقتحموا المدن وأثاروا الهلع والموت. وهي لم تكن تبغض الرئيس صالح لأنه من سنحان وأظنها صوتت له مراراً. أمي ليست مناطقية وهي لا تعرف على أي مذهب هي.
أظن أن أمي لا تأسف على الأسلحة التي تقصف في جبل عَطَّان أو معسكر الصُباحة. لكنها تعلم جيداً أن السلاح يجلب الدمار والتشرد وما تزال تتذكر جيداً عندما نزح إلى قريتنا أبناء الأقروض قبل أعوام عندما شن الجيش حملة عسكرية عليهم. 
تكره أمي السلاح. وتخشي من التفجيرات ويروعها القتل أينما كان وتشدّ على رأسها بكفيها كلما سمعت موت أو قتل في أية بلاد وكانت تتألم كثيراً منذ أعوام لأن هناك حرب في صعدة. وتقول مستجيرة: يا ظُلمة على الناس والحرب تدكهم! 
تنظر أمي بهلع وعجز إلى كيس القمح المتناقص وترفع عينيها إلى السماء لكنها لا تتنطع في الشكوى لأن 


تعرف أمي أنهم يتحدثون عن تدمير القصر الجمهوري أو قصر الشعب في تعز. تتصور القصر كديمة من ديمها، تلك المخصصة للأغنام. أمي لا تعرف القصر ولم تزره ولم تستظل تحت أشجاره او تنعم بحديقته ولا بأضوائه في المساء. 

17 ابريل 2015 

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...