الأحد، 26 سبتمبر 2010

بين حافتين

27 يوليو 2010

اخاطبكم بين حافتي الحياة والموت، اي في حالة المرض. ثلاثة ايام حسوما وانا في كنف الالم. حمى لم تبقِ مني ولم تذر. زوجتي نأت بنفسها وطفليها الى غرفة اخرى خشية ان انقل لهم العدوى. امر مضحك. لا بأس. بعض الصحب اتي ليزاورني على جلسة قات ولم اكن عند مستوى الوعد.
انا الان مستقر في احدى الغرف وحيدا واتوسد بضع ملابس مبللة من العرق. الفراش تحتي شبه مبلل تماما. شاهدت قبل وقت فيلما افريقيا جميلا بالفرنسية. اجمل ما فيه قصة اب ترك عائلته لفترة طويلة ثم قابل ابنته الشابة بعد عشرين سنة من الغياب فطرحت عليه السؤال التالي:
بابا، اين كنت كل هذه الفترة بعيدا عنا؟
رد عليها:
الغابة يا ابنتي علمتنا ان المريض من القطيع ينأى بنفسها بعيدا فإما يشفى او يموت.
لا بأس اني رزقت بامرأة جعلتها المدينة ;;; في تعاملها مع مريض. اعذرها على ذلك واعرف العلة جيدا ولا القي عليها اللوم.
في اليوم الثالث. يدخل علي ابني إلياس ذو الثلاث سنوات. يندهش لانه وجد اباه ذابلا فيما لم يكن كذلك من قبل. عينان غائرتان ووجه من رماد وتراب.
باشفاق شديد يضع راحتا يديه على ركبيتي ويسألني:
"بابا، من جاب لك الحمي؟
عجزت عن الرد عليه . والادهى اني عجزت عن الابتسامة في وجه.
على فراشي تنتابني موجة حنين كبيرة. افتش في هاتفي لاتصل بمن يعنون لي من اصدقاء وصديقات. يرسو قراري على ان اتصل بأمي التي تبعد عني بحوالى 400 كيلو مترا جنوبا.
ثلاث رنات. ثم.
- الو، اماه كيف حالك؟
- بخير. وانتا يا ابني؟
- تعبان قليل.
- يقلعني على ولدي.
تنهمر بعض دمعات من عيني. احاول كبح دموعي. تتكور في حلقي اهة كبيرة.
- امي انا احسن حالا لقد عملت الفحوصات اللازمة وتناولت ادوية. لا تقلقي.
يتصل بي ابي لاحقا. معه كنت اكثر صلابة.
ليلة جديدة ساقضيها في كنف الألم وسأعود إليكم من احدى الحافات. وليكن لنا حديث مختلف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...