الأحد، 26 سبتمبر 2010

في مرضها

كيف لي أن افسر مرضها هذه المرة. كنت استشعر ان هشاشتها فتاكة. وان روحها الشفافة قد لا تقوى على مقاومة ابسط صدمة تتعرض لها خصوصا من طرف مباغت وغير متوقع. لكني على يقين ان براعتها في خلق واستنباط المعنى سيقودانها الى ان تحافظ على صحتها وعافيتها الجوانية.
منذ ان ارسلت رسالتها الاخيرة وبعد مكالمة هاتفية ضمتنا للحظات اختفت. كانت الرسالة والمكالمة قد وصلتني في توقيت غير حسن. اذ كنت حينها في فترة اعتلال انا ايضا. بصيغة اخرى كنت خارج الوعي والقدرة على التركيز. رسالتها مكثفة نفّاذة لم اقو على فك شفراتها، بل لم استطع المقاومة فانسحبت من امام شاشة الكمبيوتر ووليت الادبار. اما مكالمتها فكانت متشعبة لم اتمكن من ربط خيوطها واللحاق بتسارعها فتخليت عنها.
حكايتنا هي اشبه بنجمين يتوقان للقاء ويدوران في افلاك متفارقة، وكلما ظن احداهما انه ملاقيا صنوة خذلتة الدورة في الافلاك وخاتله الزمن وتخلت عنه المسافة. مع هذا لم يزدهما البين سوى المزيد من التوق والاستبصار.
الاجمل ان حياة النجمين جعلتهما في مواقع تسمح لهما بان يرنو كل واحد نحو الاخر. فمرة يعاتبه، ومرة يخاصمه ومرة يلوذ بالصمت ليقول الكثير.
اظننا في صمتنا قلنا الكثير، ولكن للصمت اشداق تطبق على البوح والتصريح. اليوم اجدني قلقا مرتبكا من هذا الوضع. فيما لا اجد في اليد وسيلة.
ولهذا تنهال علي الاسئلة رشقاً وتجهماً. وعلى عكس ما يقال ان الاسئلة مبصرة وان الاجابات عمياء. فأسئلتي ضريرة. والاجوبة في اعاقة.
اذكر انها حدثتني عن سعادتها في رسالتها الاخيرة. بالمناسبة نحن لا نتبادل رسائل على الدوام بل ان رسائلنا كثمار النخيل لا تأتي في غير مواسمها، ولا تتحصل إلا بالقطاف. اعود إلى السعادة تلك. اين هي؟ وكيف تتشكل؟ وإلا ما حقيقة هذا الجفاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...