الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

الحياة جميلة بالآخرين

29 أغسطس 2010

إياد، ابني الذي لا يبلغ من العمر السنة واقل من شهرين، اصطحبته بالأمس إلى البقالة لأشتري له عصائر، ما إن دلفت أقدامنا عتبة المكان حتى رفع سبابته الصغيرة الجميلة يلوّح بها في أرجاء المكان ويتمتم ببعض أصوات لم افقهها لكني فهمت رغبته في الحصول على قناني وعلب العصائر والحلويات المتراصة على أرفف البقالة. اكتفيت بأخذ علبتي عصير وخرجنا، ثم مررنا من أمام بائع الخضار وإذا به يلتفت نحوه ويصرخ مطالبا بأن نعرج على صاحب الخضروات. كرر المشهد مرة ثانية فأخذت له مسرورا فاكهة كمثرى مغرية كقلبه. لكن خطر على بالي تساؤل : هل الاستهلاك سلوك فطري؟



بالأمس ذهبت في عمل بعد الظهر. عدت إلى البيت سيرا على الأقدام فقطعت قرابة الثلاثة كيلو مترات عبرت فيها أزقة الضفة الاخرى من صنعاء القديمة فالتحرير فشارع القصر ودخلت سوق القاع ثم واصلت حتى البيت. لعل سوق القاع كان أهم محطة. فأنا لم أعبره منذ مدة طويلة. امتلأت انفي بروائح الخضار والبهارات وأعلاف الماشة مررت بقرب قطيع من الخرفان تنتظر الخلاص وشاهدت طفلا يداعب خروفا عنيداً. أشبعت عيني من النظر في المارين والبائعين. نظرت مليا في الزحام إلى أعين المتسوقات المنقبات. كنت في قرارة نفسي أعطي كل واحدة منهن اسما وسنا وأحيانا الأصول التي تنحدر منها. لا اخفي إعجابي بعيني امرأة حسبتها حبشية التربة. كم كانت عيناها مدهشتين. بعد السوق مباشرة كنت على موعد مع امرأة طويلة نحيفة تلتحف السواد من قمة رأسها حتى مقدمة الحذاء الأنيق. أثار السواد في نفسي ضحكا فاضح غير مبرر. لم أتوقع أن أنال درسا في البالطو من سيدة افريقية تحمل في جيناتها حرية برية هي درس الله في البشر . كانت في مشيتها وتمايلها تبدو لي صومالية بامتياز. على بعد خطوات وقع نظري على فتاتين فارعتين وسمرة أخاذة. ترفلن بألوان الحجابات وبقامات النخيل. لهما ابتسامة الربيع الفاتن. كانتا حبشيتان بالطبع. عدت إلى البيت واشعر باني أغنى رجل في العالم. الحياة جميلة بالآخرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...