الخميس، 6 مارس 2014

أنمار




أنمار 


29 مايو 2013

عصر اليوم الأربعاء 29 مايو 2013 رزقت مولود جديد ذكر أسميناه أنمار. الحمد لله على هذه الهدية والحمد لله أكثر على صحة الأم.
....
ان تكون ابا لطفل جديد فأنت ترتكب جريمة بحق غيرك. لكن ما هو أكثر اغراء في الحياة من أن تضمن امتدادك البيولوجي. سيبدو في الأمر سذاجة وغرور غير مبررين. فمن يكون الفرد منا وما هو العبقري فيه غير أنانيته الوقحة المؤلمة؟
ولكن أي امتداد؟ هل هي مواصلة للشقاء والبؤس أم فتح جديد على أبواب النعيم؟ هل المسألة ليست أكثر من تكرار ممل لشخوص واجساد عابرة للتاريخ بسلبية فجة تصل الى حد ان يعيش الجيل عيشة دواب تنتظر الزاد ويوم الوفاة؟
...
صرت أبا لثلاثة أطفال من البنين لا اخت لهم حتى الآن. وأظنه ظنا تغلب عليه الرغبة أن أنمار هذا سيكون آخر العنقود. فلا رغبة لي ولا طاقة لأمه المسكينة في تحمل طفل رابع.
...
مع هذا الطفل، انتابتني احاسيس مختلفة عن سابقاتها. ففي ولادة الطفلين السابقين خصوصا الأول لم اكن حاضرا ولم أصل إلا بعد يومين من الولادة وعندما رأيته شعرت بصدمة كبيرة لا أدري ما مصدرها ربما كنت اتوقع طفلا بملامح ثلاث سنوات على الأقل ولم اتمكن من الإتلاف مع ملامح الوليد بسهولة، بل أنه استقبلني على طريقته. فأول ما أوتي به إلي ونفض عنه اللحاف (القماط) وشاهدته عاريا مستغربا من حمرة بشرته وكبر عينيه وتقلباتهما غير المألوفة فبدا ذلك له في وجهي وتبول علي للتو. عبّر عن ذاته وأبعدني عنه كما يحلو له.
في ولادة الطفل الثاني كنت اقل لامبالاة من الأول وكنت حاضرا جسديا لكني متعب وارغب في النوم. فقد كان في الجوار خالا الوليد وقبلهما جدته المباركة.
لكن هذه المرة اصابتني نوبة احباط شديدة واكتئاب مبكر منذ ان سمعت ان امه حاملة به... وتعقد الأمر اكثر بسبب هواجسي المرضية.. وشاءات الاقدار ان ارافق أمه إلى آخر لحظات الولادة سيما وامها الغالية غائبة هذه المرة وقد كانت تسهل علي مشقة الأمر واعفتني من مهام الزوج وادخرت لي لحظات ابوة صافية من عناء ومسؤولية مرافقة الولادة.
...
أنا في حقيقة الأمر احب الاطفال لكني لا ارغب في الحصول عليهم وقد يعود الأمر الى نزوة طائشة تسيطر علي او وهم التمرد والحرية المطلقة القريبة الى الصعلكة السامية. وها أنا في نهاية المطاف اب لثلاثة أولاد. وقد علمتني أحداث العامين الأخيرين في اليمن ان الحياة مليئة بالبشاعة التي لا تحتمل معها إضافة حياة جديدة تتلقى بؤس وشرور هذا العالم. مع هذا حصل وان جاء الطفل الثالث.
ما عساه سيكون. فوه فاغر جائع يضاف الى ملايين ملايين الافواه الجائعة في هذا العالم ام يدين عاملتين وعقل مدبر ياتي الى البشرية؟
ثم ماذا عن الاسم الذي ارتضيناه له. هل سيقبل به بكل يسر ويحب اسمه ونفسه كفاية؟ ام سيتذمر منه ويلعن ابويه على هذا الأسم؟
سبق وأن طلب مني ابني الأول استبدال اسمه بعد مرور اربعة اعوام من حياته. ادهشني الطلب وحسبت الأمر كان بايعاز من زميل له او من خالة متزمتة دينيا تتوقع ان اسم إلياس لا يمت بالاسلام بصلة- كما هو عهدنا بجنون التدين السطحي. وعندما واجهته بالسؤال لماذا ومن طرح عليه هذا الاقتراح لم يجبني بشيء مفيد انما قال هكذا وسرعهان ما تنازل عن الفكرة وربما تعاوده الفكرة بعد حين اذا اشتد عود الاصوليين المتطرفيين الاسلامويين.
اما الطفل الثالث فاظنه لن يحتمل ان يكون له اسم مغاير رغم اصالة الاسم تاريخيا وايجابية دلالته اللغوية.
هذا شأنه في نهاية الأمر.
...
اليوم لا أفكر في أكثر من لوازم الأم والطفل. اه من مشاغل الحفاظات والصابون والشامبو. ولكن اي رسالة يمكنني او يجب علي ان ازرعها في هذا الصغير؟ في لحظة لم امسك بعد بالبوصلة في شؤون حياتي ولم اعرف بعد الوجهة الصحيحة انا الذي وصلت منتصف العمر المتوقع لي في بلد كاليمن في أحسن الظروف؟ يحرص أخواله على أن ألقى على مسمعه الأذان كاملاً وكأني بهذا اقطع عليه حق الاختيار مبكراً. وأنا بين معضلة الامتثال للعادة والوعي الشقي بحق الاختيار المسلوب.
بعد عشرين عاما سيكون العالم أكثر انشغالا بالقضايا البيئة وربما يصدر تشريعا بمنع او تقنين استخدام الحفاظات بالتالي سيجد الصغير نفسه مشبعا بتأنيب الضمير على فعلة لم يكن هو السبب فيها وسأتحول أنا وأمه ربما الى مقترفي ذنب ومسببي خراب للبشرية. اي محاكمة سننالها من هذا الصبي لو قدر له عمر مديد وتجاوز احتمالية الموت المجاني الوفير في هذا البلد؟

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...