الأربعاء، 22 مايو 2013

الكتاب المدرسي ايضا قاعدة

الكتاب المدرسي ايضا قاعدة
لا تتفاجأ ان زميلك في العمل لا يصدق ان هناك طرق تفكير واختيارات في العقيدة لا تتفق مع تلك التي لديه. لذا فهو يفرز الناس وفقا لتطابقهم مع استمارة الاسلام التي في ذهنه والتي لم يتعب قليلا في تصميمها او في التعديل عليها بل وجدها جاهزة في كتيبات بن باز ومطولات محمد عبد الوهاب.
لي تصور خاص حول الجنة والنار يجعلهما مختلفين عن التصور البسيط المتداول. فهما معززات انذار او تبشير من اجل احترام انصار ملة ما لقيمها.
ولهذا وجدتني اليوم خارجا عن الملة وكافرا بحسب زميل ودود. بل يجب ان ينطبق علي حكم الردة.
كنت مصدوما كثيرا وانا استمع لاحكام زميلي ذاك. لكن الصدمة الحقيقية هي في كيف توغل تفكير من هذا القبيل في اذهان اليمنيين خصوصا في الجيل الجديد الذي ايضا يعاصر وسائل الاعلام الحديثة ووسائل الاتصال ونقل المعارف والمعلومات وتدجين المجتمعات على الثقافة الغربية ونشر محاسن العقل مقابل النقل.
يصدمني المتدينون من ابناء الجنوب تحديدا لاني اجدهم اكثر تشددا وصلابة ولديهم اراء قطعية في ايمانهم وفي حكمهم على الاخرين.
وكأن المسألة اشبه بوصول نسخة اخيرة من الاسلام اليهم لكنها نسخة احادية وقطعية. في الجنوب كان هناك تسامح ديني اكثر من اي مكان في اليمن. وكانت اراء البيحاني اكثر اعتدالا وعقلانية لكنها اليوم تستبدل بافكار قاعدوية.
التدين الذي ينتشر في الوقت الراهن قطعي جدا وجريء جدا. لانه يقدم نهائيات وكليات.
فيها العالم فسطاطين. والفرد إما مسلم او كافر. وعلي جميع البشر ان يستمدوا مرجعياتهم من المدونةالكلية للاسلام بنسختها الوهابية الجهادية التكفيرية.
البعض يستمد مرجعيته الدينية من التاريخ الاسلامي وليس من المصادر الاسلامية. بينما التاريخ سردية ذاتوية جدا وليست موضوعية لانها صياغة احادية تتوسل الكمال والمثالية والنجاة وتجعل من اي فكر مغاير كافرا جاحدا يستحق اشد العقوبات بسبب اختلافه ومغايرته.
البعض يريد منك، بمجرد ان تقول انك مسلم، ان تتماها مع نسخته الخاصة به من الاسلام. وكأنه وكيلا حصريا لهذا الدين. بل وكان الدين مقولات جاهزة- ليس من حيث النص والصياغة فحسب- بل من حيث المعنى والدلالة.
سيبدأ اي نقاش حول الدين بايضاح ان المرجعية هي القران، لكنك في أي نقاش ديني مع متدينين من هذا النوع، ستكتشف ان المرجعية ليست القران او اافعال وممارسات الرسول ، ولكن مدونة تاريخية للاسلام بعيدة جدا عن النصوص المصدرية. بمعنى، هناك مرجعية ضمنية هي التي تقفز الى المقدمة وهي التي تهمين وتملي طريقة التفكير لدى الكثيرين.
نسخة الاسلام وفقا لهذه المدونة، لا يوجد فيها نسبية للاشياء، بل احكاما مطلقة وأوامر صرفة واجابات نهائية. بمعنى ان مجال التساؤل واعادة التفكير في هذه الاشياء اصبح امرا مغلقا وغير متاح. ثمة اجابات جاهزة عليك الاقتداء بها والدفاع عنها.
المتدين على هذا النحو لا يدافع عن معتقده وفكرته فقط، بل يدافع عن الله وعن الاسلام وكأنه الممثل الوحيد والشرعي. ينصب الواحد نفسه وكيلا حصريا لتصور المعتقد وطريقة التدين وشكل الالتزام وحدود الطاعة.
هناك جاهزية عتيدة لدى هؤلاء المتدينين للدفاع عن قضايا مجردة باسم الحرمات والأصول بينما لا يحرك الواحد منهم ساكنا أمام الآلام الانسانية التي تسوط معظم البشر.
وقد يكون الواحد منهم ضحية حقيقية للمارسات السياسة او الاقتصاد او غياب العدالة. لكنه لا يبالي ، هو فقط يبحث عن طريق يوصله الى الجنة، الى متاع اليوم الاخر طالما صارت ملذات الحياة نائية عنه وغير ممكنه.
امام مثل هؤلاء المتدينين انت في تفكيرك المغاير لست اكثر من جسرا قصيرا يمكّنه من العبور الى الجنة. فهو في بؤسه وشقائه، نذر نفسه ليكون شهيدا يعوّض حرمانه في الدنيا بنعيم الاخرة ولم يعد يفكر باشياء اخرى غير الوصول الى الجنة باسرع وقت ممكن.
القاعدة ليست مجرد نشاط مسلح ضد الشرعية القائمة، هي ثقافة متوغلة بين الشباب وبمستويات مختلفة ربما لا ينقصها سوى الأمر بقتال المغاير وفقا لفتوى سريعة الاعداد. وهي ليست في الجبال والصحاري هي ايضا في الكتاب الجامعي والكتاب المدرسي اولا. هي في ذهنية الموظف الحكومي البائس وقليل الحيلة ومحدود الدخل.

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية

الحب بين علم الاعصاب والعلوم الإنسانية (مقال مترجم من الفرنسية) ترجمة مصطفى ناجي الجبزي افتتح في شهر أكتوبر من العام المنصرم معرض استث...